في ظاهر اللفظ من الوضوح بحيث تراه.
وأما إنْ كان الناصب لذكاة أمه ليس موجودًا في اللفظ، ولم يحمله على أنه في صلة المصدر الذي هو (ذكاة الجنين)، فإنه يصير تقديره: ذكاة الجنين وقت ذكاة أمه، ثم يحذف الوقت المضاف إلى الذكاة على ما تقدم، ويقيم مقامه فيقال: ذكاة الجنين ذكاة أمه، فيجرى مجرى قولك: لقاؤك زيدًا مقدمَ الحاج، وزيارتك عبد الله خفوقَ النجم، أي لقاؤك إيّاه وقت مقدم الحاج، وزيارتك وقت خفوق النجم، فتحذف المضاف الذي هو الظرف، ويقام المضاف إليه - وهو المصدر- مقامه، ومثله في حذف الوقت مع المصدر وإرادته قول الشاعر:
وما هي إلاّ في إزارٍ وعلقةٍ ... مُغارَ ابنِ همّامٍ على حيِّ خثعما
أي: وقت إغارة ابن همام على حيِّ خثعم، ولا بد من تقدير حذف المضاف هنا، لأنك إن لم تفعل ذلك - وجعلت مغار ابن همام وقتًا لا مصدرًا - لم يستقم، لأنك قد عديت (مغار ابن همام) إلى الظرف الذي هو (على حيّ خثعم)، واسم الزمان والمكان لا يتعدى واحد منهما إلى شيء من الظروف ولا حروف الجر، إنما ذلك للمصدر دونهما، وهذا جليّ. وكان هذا الوجه في نصب (ذكاة أمه) أقرب ماخذًا من الأول، وعلى أيهما حملت، فالأمر واحد في وجوب ذكاة الجنين، ألا ترى أنه لا بدّ للظرف الذي هو (وقت ذكاة أمه)، لجريه خبرًا عن المبتدأ الذي هو: (ذكاة الجنين) - من شيء يتعلق به، والظرف متى جرى صلة أو صفة أو حالاً أو خبرًا تعلق بالمحذوف، وتضمنه إن لم يكن بعده ظاهر يرتفع به ضميره، فيصير تقديره: ذكاة الجنين كائنة أو واجبة أو واقعة وقت ذكاة أمه، ثم يحذف اسم الفاعل ويقام الظرف