وقال أبو حيان في شرح التسهيل: اختلف النحويون في هذه اللام، فذهب سيبويه والأخفش سعيد بن مسعدة، والأخفش علي بن سليمان، وأكثر نحاة بغداد ومن أئمة بلادنا أبو الحسن بن الأخضر إلى أنها لام الابتداء التي كانت مع المشددة لزمت للفرق، وهو اختيار ابن عصفور، وابن مالك، وذهب الفارسي وأبو عبد الله أبي العافية والشلوبين، وأبو الحسن بن الربيع، إلى أنها ليست لام إنّ المشددة التي للابتداء، بل هي لام أخرى اجتلبت للفرق، وإذا كانت مجتلبة للفرق، ولم تكن اللام التي توجب التعليق، لم يمنع مانع من فتح (إن) إذا وقعت بعد (علمت). قال: وإذا فتحت لم يحتج إلى اللام، لأنها إذ ذاك لا تلتبس بأن النافية، فيحتاج إلى الفرق، قال: وإن شئت أثبت اللام على طريق التأكيد.
قال: ومن دخول (علمت) على (إنْ) المخففة من الثقيلة، ما جاء في الحديث المشهور: (قد علمنا إنْ كنت لموقنًا) بكسر (إنْ) على مذهب أبي الحسن، وبفتحها على مذهب غيره والصحيح الكسر.
وقال أبو حيان أيضًا: بعد هذا ثمرة الخلاف تظهر في دخول علمت وأخواتها، فإن كانت للفرق لم تعلق، وإن كانت لام الابتداء علقت، ولهذا اختلف ابن الأخضر وابن أبي العافية في الحديث المشهور: "قد علمنا إن كنت لموقنًا"، كما اختلف فيه الأخفش الصغير والفارسي، فقال الأخفش: لا يجوز إلا الكسر، وقال الفارسي: لا يجوز إلا الفتح، وكذا قال ابن أبي العافية، وقال ابن الأخضر: قد ثبتت اللام في الرواية بلا شك، وهي لا تكون مع المفتوحة أصلاً، كما لا تكون مع (إن) هو الأصل. فلما فتحت بسبب (علمت) أبقيت اللام إشعارًا بأصلها، ورد عليه بأن هذا بعيد، لأن (علمت) لا تدخل إلا على ما كان قبلها في موضع الابتداء، فإذا دخلت غيرت ذلك، ولم يستقروا على الأصل.