(قالت)، إن كانت مجرى (أيْ) استفهامية أو موصولة، انتهى.
وفي تذكرة ابن هشام: سألني الشيخ يومًا: لم اشترطوا في جواز حذف المضاف، وإبقاء المضاف إليه على جره أن يكون المحذوف معطوفًا على مضاف مثله نحو: ما كل سوداء تمرة، ولا بيضاء شحمة، واشترطوا في جواز حذف المضاف إليه وإبقاء المضاف على حاله أن يعطف عليه مضاف إلى مثل ذلك المحذوف، كحديث: (أوحي إليّ أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبًا من فتنة الدجال)، وقول بعض العرب: قطع الله يد ورجل من قالها، ولا يشترطون ذلك فيما إذا حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، نحو: (واسأل القرية) [يوسف: 82]، (وأشربوا في قلوبهم العجل) [البقرة: 93]. أو حذف المضاف إليه ولم يبق المضاف على ما كان عليه، نحو: (لله الأمر من قبل ومن بعد) [الروم: 4].
فقلت: لأنك في المسألتين الأوليين أبقيت أثر المحذوف فإنك ناظر إليه وطالب لتعينه، فاحتجت إلى ما يبينه لك. وفي المسألتين الأخريين جعلت المحذوف نسيًا منسيًا، ولم تبق شيئًا من أحكامه بل أعرضت عن النظر إليه جملة واحدة، فقال: هذا الجواب الذي ظهر لي.
وقال ابن مالك في توضيحه: الرواية المشهورة في هذا الحديث "مثلَ أو قريبًا". وأصله: مثل فتنة الدجال، فحذف ما كان "مثل" مضافًا إليه، وترك (هو) على الهيئة التي كان عليها، وصلح للدلالة من أجل مماثلته له لفظًا ومعنىً. والمعتاد في صحة مثل هذا الحذف أن يكون مع إضافتين، كقول الشاعر:
أمام وخلف المرء من لطف ربه ... كوالئُ تزوي عنه ما كان يحذر