الْقَضَاء ويتصرف فِي الشَّرْع بالإجتهاد وَالْفَتْوَى وَيجب على من لم يجمع هَذِه الشَّرَائِط تَقْلِيده فِيمَا يعن لَهُ من الْحَوَادِث انْتهى كَلَام البغوى
وَقد صرح الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وَغَيرهمَا مِمَّن لَا يُحْصى كَثْرَة أَن الْمُجْتَهد الْمُطلق الَّذِي مر تَفْسِيره على قسمَيْنِ مُسْتَقل ومنتسب وَيظْهر من كَلَامهم أَن المستقل يمتاز عَن غَيره بِثَلَاث خِصَال إِحْدَاهَا التَّصَرُّف فِي الْأُصُول الَّتِي عَلَيْهَا بِنَاء مجتهداته وثانيتها تتبع الْآيَات وَالْأَحَادِيث والْآثَار لمعْرِفَة الْأَحْكَام الَّتِي سبق بِالْجَوَابِ فِيهَا وَاخْتِيَار بعض الْأَدِلَّة المتعارضة على بعض وَبَيَان الرَّاجِح من محتملاته والتنبيه لمآخذ الأ حكام من تِلْكَ الْأَدِلَّة وَالَّذِي نرى وَالله أعلم أَن ذَلِك ثلثا علم الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَالثَّالِثَة الْكَلَام فِي الْمسَائِل الَّتِي لم يسْبق بِالْجَوَابِ فِيهَا أخذا من تِلْكَ الْأَدِلَّة والمنتسب من سلم أصُول شَيْخه واستعان بِكَلَامِهِ كثيرا فِي تتبع الْأَدِلَّة والتنبيه للمأخذ وَهُوَ مَعَ ذَلِك مستيقن بِالْأَحْكَامِ من قبل أدلتها قَادر على استنباط الْمسَائِل مِنْهَا قل ذَلِك مِنْهُ أَو كثر وَإِنَّمَا تشْتَرط الْأُمُور الْمَذْكُورَة فِي الْمُجْتَهد الْمُطلق وَأما الَّذِي هُوَ دونه فِي الْمرتبَة فَهُوَ مُجْتَهد فِي الْمَذْهَب وَهُوَ مقلد لإمامه فِيمَا ظهر فِيهِ نَصه لكنه يعرف قَوَاعِد إِمَامه وَمَا بنى عَلَيْهِ مذْهبه فَإِذا وَقعت حَادِثَة لم يعرف لإمامه نصا فِيهَا اجْتهد على مذْهبه وخرجها من أَقْوَاله وعَلى منواله ودونه فِي الْمرتبَة مُجْتَهد الْفتيا وَهُوَ المتبحر فِي مَذْهَب إِمَامه المتمكن من تَرْجِيح قَول على آخر وَوجه من وُجُوه الْأَصْحَاب على آخر وَالله أعلم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي بَيَان اخْتِلَاف الْمُجْتَهدين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اخْتلفُوا فِي تصويب الْمُجْتَهدين فِي الْمسَائِل الفرعية الَّتِي لَا قَاطع فِيهَا هَل كل مُجْتَهد فِيهَا مُصِيب أَو الْمُصِيب فِيهَا وَاحِد قَالَ بِالْأولِ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ وَالْقَاضِي أَبُو بكر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن وَابْن شُرَيْح وَنقل عَن جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين من الأشاعرة والمعتزلة وَفِي كتاب الْخراج لأبي يُوسُف إشارات إِلَى ذَلِك تقَارب