إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا يَنْبَغِي لمن لم يعرف دليلي أَن يُفْتِي بكلامي وَقَالَ أَحْمد لَا تقلدني وَلَا تقلدن مَالِكًا وَلَا غَيره وَخذ الْأَحْكَام من حَيْثُ أخذُوا من الْكتاب وَالسّنة

الْوَجْه الثَّانِي أَن يظنّ بفقيه أَنه بلغ الْغَايَة القصوى فَلَا يُمكن أَن يخطىء فمهما بلغه حَدِيث صَحِيح صَرِيح يُخَالف مقَالَته لم يتْركهُ أَو ظن أَنه لما قَلّدهُ كلفه الله بمقالته وَكَانَ كالسفيه الْمَحْجُور عَلَيْهِ فَإِن بلغه حَدِيث واستقين بِصِحَّتِهِ لم يقبله لكَون ذمَّته مَشْغُولَة بالتقليد فَهَذَا اعْتِقَاد فَاسد وَقَول كاسد لَيْسَ لَهُ شَاهد من النَّقْل وَالْعقل وَمَا كَانَ أحد من الْقُرُون السَّابِعَة يفعل ذَلِك وَقد كذب فِي ظَنّه من لَيْسَ بمعصوم من الْخَطَأ مَعْصُوما حَقِيقَة أَو مَعْصُوما فِي حق الْعَمَل بقوله وَفِي ظَنّه أَن الله تَعَالَى كلفه بقوله وَأَن ذمَّته مَشْغُولَة بتقليده وَفِي مثله نزل قَول تَعَالَى {وَإِنَّا على آثَارهم مقتدون} وَهل كَانَ تحريفات الْملَل السَّابِقَة إِلَّا من هَذَا الْوَجْه

مَسْأَلَة اخْتلفُوا فِي الْفَتْوَى بالروايات الشاذة المهجورة فِي خزانَة الرِّوَايَات فِي السِّرَاجِيَّة ثمَّ الْفَتْوَى على الاطلاق على قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله ثمَّ بقول أبي سَوف رَحمَه الله ثمَّ بقول مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى ثمَّ بقول زفر بن هُذَيْل وَالْحسن بن زِيَاد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقيل إِذا كَانَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله فِي جَانب وصاحباه فِي جَانب فالمفتي بِالْخِيَارِ وَالْأول أصح إِذا لم يكن الْمُفْتِي مُجْتَهدا لِأَنَّهُ كَانَ أعلم زَمَانه حَتَّى قَالَ الشَّافِعِي النَّاس كلهم عِيَال أبي حنيفَة رَحمَه الله فِي الْفِقْه فِي الْمُضْمرَات وَقيل إِذا كَانَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله فِي جَانب وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله فِي جَانب فالمفتي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ بقوله وَإِن شَاءَ اخذ بقولهمَا وَإِن كَانَ أَحدهمَا مَعَ أبي حنيفَة يَأْخُذ بقولهمَا الْبَتَّةَ إِلَّا إِذا اصْطلحَ الْمَشَايِخ على الْأَخْذ بقول ذَلِك الْوَاحِد فَيتبع اصطلاحهم كَمَا اخْتَار الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث قَول زفر فِي قعُود الْمَرِيض للصَّلَاة أَنه يقْعد الْمُصَلِّي فِي التَّشَهُّد لِأَنَّهُ أيسر على الْمَرِيض وَإِن كَانَ قَول أَصْحَابنَا أَن يقْعد الْمَرِيض فِي حَال الْقيام متربعا أَو مُحْتَبِيًا ليَكُون فرقا بَين الْقعدَة وَالْقعُود الَّذِي هُوَ فِي حكم الْقيام وَلَكِن هَذَا يشق على الْمَرِيض لِأَنَّهُ لم يتعود هَذَا الْقعُود وَكَذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015