الْوَجْه الأول قَالَ ابْن الْحَاجِب لَا يرجع بعد تَقْلِيده فِيمَا قلد اتِّفَاقًا وَفِي حكم آخر الْمُخْتَار الْجَوَاز لقَوْله تَعَالَى {فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} فَالْقَوْل بِوُجُوب الرُّجُوع إِلَى من قلد أَولا فِي مَسْأَلَة يكون تَقْيِيد النَّص وَهُوَ يجْرِي مجْرى النّسخ على مَا تقرر فِي الْأُصُول وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ وَإِن الْعَوام فِي السّلف كَانُوا يستفتون الْفُقَهَاء من غير رُجُوع إِلَى معِين من غير إِنْكَار فَحل مَحل الْإِجْمَاع على الْجَوَاز كَذَا فِي شرح ابْن الْحَاجِب وَأما الْجَواب فِي الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ مَا إِذا الْتزم مذهبا معينا كَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى فقد أَشَارَ ابْن الْحَاجِب إِلَى الإختلاف فِي ذَلِك من اخْتِلَاف مذْهبه وَأَشَارَ إِلَى أَنه اخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك على ثَلَاثَة أقاويل فَقيل لَا يجوز مُطلقًا وَقيل يجوز مُطلقًا القَوْل الثَّالِث أَن الحكم فِي هَذَا الْوَجْه وَالْوَجْه الأول سَوَاء فَلَا يجوز أَن يرجع عَنهُ بعد تَقْلِيده فِيمَا قلد أَي عمل بِهِ وَيجوز فِي غَيره وَفِي عُمْدَة الْأَحْكَام من الفتاوي الصُّوفِيَّة سُئِلَ عَن يَوْم عيد الْفطر إِنَّا نرى بعض النَّاس يتطوعون فِي الْجَامِع عِنْد الزَّوَال فَمَنعهُمْ عَن ذَلِك ونخبرهم عَن وُرُود النَّهْي عَن الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الثَّلَاثَة قَالَ أما الْمَنْع فَلَا كَيْلا يدْخل تَحت قَوْله تَعَالَى {أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى عبدا إِذا صلى} وَلَا يتَعَيَّن وَقت الزَّوَال بل عَسى أَن يكون قبله أَو بعده وَلَئِن كَانَ وقته فقد روى عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله لَا يكره ذَلِك التَّطَوُّع عِنْد الزَّوَال يَوْم الْجُمُعَة وَالشَّافِعِيّ رَحمَه الله لَا يكره ذَلِك فِي جَمِيع الْأَيَّام فلئن اعترضت على هَذَا الْمصلى فَعَسَى أَن يجيبك أَنه تقلد فِي هَذِه الْمَسْأَلَة من يرى جَوَاز ذَلِك أَو يحْتَج عَلَيْك بِمَا احْتج بِهِ من اخْتَار ذَلِك فَلَيْسَ لَك أَن تنكر على من قلد مُجْتَهدا أَو احْتج بِدَلِيل وفيهَا أَيْضا من التَّجْنِيس والمزيد وَرُبمَا قَلّدهُ هَذَا الْمصلى فَلَا يُنكر على من فعل فعلا مُجْتَهدا أَو تقلد بمجتهد وَفِي الظَّهِيرِيَّة وَمن فعل فعلا مُجْتَهدا فِيهِ أَو قلد مُجْتَهدا فِي فعل مُجْتَهد فِيهِ فَلَا عَار وَلَا شناعة وَلَا إِنْكَار عَلَيْهِ وَفِي الْمِنْهَاج للبيضاوي لَو رأى الزَّوْج لفظا كِنَايَة ورأته الْمَرْأَة صَرِيحًا فَلهُ الطّلب وَلها الإمتناع فيرجعان إِلَى غَيرهمَا فَائِدَة اسْتشْكل رجل شَافِعِيّ الإختلاف بَين عبارتي الْأَنْوَار فأجبته بِمَا يحل الإختلاف فِي كتاب الْقَضَاء من كتاب الْأَنْوَار مَا حَاصله إِذا دونت هَذِه الْمذَاهب جَازَ للمقلد أَن ينْتَقل من مَذْهَب مُجْتَهد إِلَى مَذْهَب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015