لِلْأُصُولِ جَازَ أَن يعْمل بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْبَحْر الرَّائِق عَن أبي اللَّيْث قَالَ سُئِلَ أَبُو نصر عَن مَسْأَلَة وَردت عَلَيْهِ مَا تَقول رَحِمك الله وَقعت عندنَا كتب أَرْبَعَة كتاب إِبْرَاهِيم بن رستم وآداب القَاضِي عَن الْخصاف وَكتاب الْمُجَرّد وَكتاب النَّوَادِر من جِهَة هِشَام هَل يجوز لنا أَن نفتي مِنْهَا أَو لَا وَهَذِه الْكتب محمودة عنْدك فَقَالَ مَا صَحَّ عَن أَصْحَابنَا فَذَلِك علم مَحْبُوب مَرْغُوب فِيهِ مرضى بِهِ وَأما الْفتيا فَإِنِّي لَا أرى لأحد أَن يُفْتِي بِشَيْء لَا يفهمهُ وَلَا يحْتَمل أثقال النَّاس فَإِن كَانَت مسَائِل قد اشتهرت وَظَهَرت وانجلت عَن أَصْحَابنَا رَجَوْت أَن يسع لي الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا فِي النَّوَازِل
مَسْأَلَة اعْلَم أَن الْمَسْأَلَة إِذا كَانَت ذَات اخْتِلَاف بَين أبي حنيفَة وصاحبيه فَحكمهَا أَن الْمُجْتَهد فِي الْمَذْهَب يخْتَار من أَقْوَالهم مَا هُوَ أقوى دَلِيلا وأقيس تعليلا وأرفق بِالنَّاسِ وَلذَلِك أفتى جماعات من عُلَمَاء الْحَنَفِيَّة على قَول مُحَمَّد رَحمَه الله فِي طَهَارَة المَاء للمستعمل وعَلى قَوْلهمَا فِي أول وَقت الْعَصْر وَالْعشَاء وَفِي جَوَاز الْمُزَارعَة وكتبهم مشحونة بذلك لَا يحْتَاج إِلَى إِيرَاد النقول وَكَذَلِكَ الْحَال فِي مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي الْمِنْهَاج وَغَيره فِي الْفَرَائِض أَن أصل الْمَذْهَب عدم تَوْرِيث ذَوي الْأَرْحَام وَقد أفتى الْمُتَأَخّرُونَ عِنْد عدم انتظام بَيت المَال بتوريثهم وَقد نقل فَقِيه الْيمن ابْن زِيَاد فِي فَتَاوَاهُ مسَائِل أفتى الْمُتَأَخّرُونَ فِيهَا بِخِلَاف الْمَذْهَب مِنْهَا إِخْرَاج الْفُلُوس من الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة من النَّقْدَيْنِ وعروض التِّجَارَة أفتى البُلْقِينِيّ بِجَوَازِهِ وَقَالَ أعتقد جَوَازه وَلكنه مُخَالف لمَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله وَتبع البُلْقِينِيّ فِي ذَلِك البُخَارِيّ وَمِنْهَا دفع الزَّكَاة إِلَى الْأَشْرَاف العلويين أفتى الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ بِجَوَازِهِ فِي هَذِه الْأَزْمِنَة حِين منعُوا سهمهم من بَيت المَال وأضر بهم الْفقر وَمِنْهَا بيع النَّحْل فِي الكوارات مَعَ مَا فِيهَا من شمع وَغَيره اجاب البُلْقِينِيّ بِالْجَوَازِ وَنقل ابْن زِيَاد عَن الإِمَام ابْن عجيل أَنه قَالَ ثَلَاث مسَائِل فِي الزَّكَاة يُفْتِي فِيهَا بِخِلَاف الْمَذْهَب نقل الزَّكَاة وَدفع الزَّكَاة إِلَى وَاحِد وَدفعهَا إِلَى أحد الْأَصْنَاف أَقُول وَعِنْدِي فِي ذَلِك رَأْي وَهُوَ أَن الْمُفْتِي فِي مَذْهَب الشَّافِعِي سَوَاء كَانَ مُجْتَهدا فِي الْمَذْهَب أَو متبحرا فِيهِ إِذا احْتَاجَ فِي مَسْأَلَة إِلَى غير مذْهبه فَعَلَيهِ بِمذهب أَحْمد رَحمَه الله فَإِنَّهُ أجل أَصْحَاب الشَّافِعِي