فيجيب بقول بَعضهم مَا لم يعرف حجتهم وَفِي الْفُصُول الْعمادِيَّة فِي الْفَصْل الأول وَإِن لم يكن من أهل الإجتهاد لَا يحل لَهُ أَن يُفْتِي إِلَّا بطرِيق الْحِكَايَة فيحكي مَا يحفظ من أَقْوَال الْفُقَهَاء وَعَن أبي يُوسُف وَزفر وعافية بن زيد أَنهم قَالُوا لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا مَا لم يعلم من أَيْن قُلْنَا وفيهَا أَيْضا عَن بَعضهم قَالُوا لَو أَن الرجل حفظ جَمِيع كتب أَصْحَابنَا لَا بُد أَن يتلمذ للْفَتْوَى حَتَّى يَهْتَدِي إِلَيْهِ لِأَن كثيرا من الْمسَائِل أجَاب عَنْهَا أَصْحَابنَا على عَادَة أهل بلدهم ومعاملاتهم فَيَنْبَغِي لكل مفت أَن ينظر إِلَى عَادَة أهل بَلَده وزمانه فِيمَا لَا يُخَالف الشَّرِيعَة فِي عُمْدَة الْأَحْكَام من الْمُحِيط فَأَما أهل الِاجْتِهَاد فَهُوَ من يكون عَالما بِالْكتاب وَالسّنة والْآثَار ووجوه الْفِقْه وَمن الْخَانِية نقل عَن بَعضهم لَا بُد للإجتهاد من حفظ الْمَبْسُوط وَمَعْرِفَة النَّاسِخ والمنسوخ والمحكم والمؤول وَالْعلم بعادات النَّاس وعرفهم فِي السِّرَاجِيَّة قيل أدنى الشُّرُوط للإجتهاد حفظ الْمَبْسُوط ذكر هَذِه الرِّوَايَة فِي خزانَة الْمُفْتِينَ أَقُول هَذِه الْعبارَات مَعْنَاهَا الْفرق بَين الْمُفْتِي الَّذِي هُوَ صَاحب تَخْرِيج وَبَين الْمُفْتِي الَّذِي هُوَ متبحر فِي مَذْهَب أَصْحَابه يُفْتِي على سَبِيل الْحِكَايَة لَا على سَبِيل الِاجْتِهَاد
مَسْأَلَة اعْلَم أَن الْقَاعِدَة عِنْد محققي الْفُقَهَاء ان الْمسَائِل على أَرْبَعَة أَقسَام قسم تقرر فِي ظَاهر الْمَذْهَب وَحكمه أَن يقبلوه على كل حَال وَافَقت الْأُصُول أَو خَالَفت وَلذَلِك ترى صَاحب الْهِدَايَة وَغَيره يتكلفون بَيَان الْفرق فِي مسَائِل التَّجْنِيس وَقسم هُوَ رِوَايَة شَاذَّة عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله وصاحبيه وَحكمه أَن لَا يقبلوه إِلَّا إِذا وَافق الْأُصُول وَكم فِي الْهِدَايَة وَنَحْوهَا من تَصْحِيح لبَعض الرِّوَايَات الشاذة بِحَال الدَّلِيل وَقسم هُوَ تَخْرِيج من الْمُتَأَخِّرين اتّفق عَلَيْهِ جُمْهُور الْأَصْحَاب وَحكمه أَنهم يفتون بِهِ على كل حَال وَقسم هُوَ تَخْرِيج مِنْهُم لم يتَّفق عَلَيْهِ جُمْهُور الْأَصْحَاب وَحكمه أَن يعرضه الْمُفْتِي على الْأُصُول والنظائر من كَلَام السّلف فَإِن وجده مُوَافقا لَهَا أَخذ بِهِ وَإِلَّا تَركه فِي خزانَة الرِّوَايَات نقلا عَن بُسْتَان الْفَقِيه أبي اللَّيْث فِي بَاب الْأَخْذ عَن الثِّقَات وَلَو أَن رجلا سمع حَدِيثا أَو سمع مقَالَة فَإِن لم يكن الْقَائِل ثِقَة فَلَا يَسعهُ أَن يقبل مِنْهُ إِلَّا أَن يكون قولا يُوَافق الْأُصُول فَيجوز الْعَمَل بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا لَو وجد حَدِيثا مَكْتُوبًا أَو مَسْأَلَة فَإِن كَانَ مُوَافقا