طائل من ورائها ولا خير فيها ولا في مروجيها.
103. بلغ اهتمام المرأة المسلمة بالدراسات الشرعية درجة كبيرة لتتعرف على تعاليم الإسلام الصحيحة لتطبيقه عملياً، وكانت دراسة الحديث تأخذ القسط الأوفى من هذا الاهتمام حيث بلغ كثير من النساء بهذا العلم درجة عالية ونافسن فيه كبار الحفاظ والمحدثين وكنّ مثالاً رائعاً للأمانة والعدالة وقد أشارت كتب التراجم والطبقات إلى النشاط العلمي الملموس لهذه الفئات في العهد الزنكي حيث ذكرت تلك المصادر أسماء العديد من المقرئات والمحدثات والفقيهات والأديبات والنحويات إلى غير ذلك من العالمات بالعلوم الأساسية الأخرى.
104. شملت النهضة العلمية في العهد الزنكي مختلف العلوم فلم يقتصر الاهتمام بالعلوم الشرعية واللغوية والأدبية دون غيرها، فقد نالت ميادين علمية كثيرة نصيباً من اهتمامات الدارسين والباحثين، وقدمت فيها دراسات علمية رائدة وصنفت فيها كتب مهمة، اعتمد عليها كثير ممن جاء بعدهم حيث ظهرت دراسات متخصصة في العلوم التاريخية والجغرافية وعلوم الرياضيات والفلك وتدريس الطب في كثير من المستشفيات المنتشرة في المدن الزنكية وظهر من بين المشتغلين بهذه التخصصات علماء كان لهم أثر كبير في إثراء المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات المتخصصة التي ظلت رافداً للعلوم الإسلامية حتى الوقت الحاضر.
105. إزداد الاهتمام بالدراسات الاجتماعية في العهد الزنكي وبخاصة في ميداني الدراسات التاريخية والجغرافية وحيث برز في هذا العهد عدد كبير من المؤرخين الذين تنوعت اهتماماتهم في مختلف صور الكتابات التاريخية، وقد استخدم التاريخ في تقوية الجانب المعنوى لحركة المقاومة ضد الصليبيين، فقد وجد المتخصصون بهذا الفرع من العلوم في الجهاد مادة زخرت بها مؤلفاتهم سواء عن طريق الكتابات التاريخية التي تؤرخ للمعارك بين المسلمين والصليبيين أوفى الكتابة في فضائل المدن وتراجم الشخصيات البارزة في مجال الجهاد ويعد الحافظ علي بن الحسن المعروف ابن عساكر من أكبر مؤرخي العهد الزنكي وكذلك العماد الأصفهاني وابن الأثير وابن القلانسي.
106. برزت شخصية ابن عساكر إلى جانب السلطان نور الدين محمود في مناصرته على حركة المقاومة وتوحيد الجبهة الإسلامية وطلب نور الدين من ابن عساكر أن يجمع له أربعين حديثاً في الجهاد تكون واضحة المتن متصلة الإسناد تحريضاً للمجاهدين على القتال، فسارع ابن عساكر إلى امتثال ما طلبه نور الدين وتّم تعميم تلك الأحاديث على القادة والجنود وقد