17. وضع السلطان ألب أرسلان نصب عينيه تحقيق هدفي السلاجقة وهما التوسع باتجاه الأراضي البيزنطية وطرد الفاطميين من بلاد الشام والحلول مكانهم ثم استخلاص مصر منهم وقد آثاره احتمال تقارب بين البيزنطيين والفاطميين فحرص على أن يحمي نفسه من بيزنطة بفتح أرمينية والاستقرار في ربوعها قبل أن يمضي في تحقيق الهدف الثاني وهو مهاجمة الفاطميين والواقع أنه كان من الصعب على السلطان السلجوقي من الناحية العسكرية والسياسية أن يتجاوز محور الرها إلى جنوبي بلاد الشام ثم مصر دون تقدير الموقف البيزنطي من جهة ومواقف أمراء الجزيرة وبلاد الشام من جهة أخرى، إذ أن أي اضطراب في العلاقة مع هذه الأطراف من شأنه أن يهَّدد بقطع خط الرجعة على جيشه الذي سيكون بعيداً عن قواعده الخلفية واشتدت في هذه الأثناء غارات الأتراك على أراضي الدولة البيزنطية، وتوغلوا فيها.

18. استطاع ألب أرسلان أن يضم حلب ويوسع نفوذه في بلاد الشام وتوجه الأتراك بزعامة أتسز، بعد رحيل السلطان ألب أرسلان عن المنطقة إلى دمشق بهدف ضمَّها، فضربوا عليها حصاراً مركزاً وأغاروا على أعمالها وقطعوا الميرة عنها ورعوا زرعها، وغادروها إلى فلسطين فضموا الرملة وبيت المقدس، بعد حصار، وطردوا منها الحامية الفاطمية وانتزعوا طبرية من أيدي الفاطميين وحاصروا يافا فهرب حاكمها رزين الدولة الفاطمي وألغيت الدعوة للخليفة الفاطمي وخطب للخليفة العباسي والسلطان السلجوقي.

19. تصدى ألب أرسلان لجيوش ملك الروم رومانوس في معركة ملاذكرد وانتصر عليه في عام 462هـ، وكان ألب أرسلان في قلة من أصحابه مقارنة لجيوش الروم فقد كانوا قرابة خمسة عشرة ألف وجيوش الروم ثلاثمائة ألف جندي، فاحتسب نفسه ومن معه وقال قولته المشهورة: أنا أحتسب عند الله نفسي وإن سعدت بالشهادة ففي حواصل الطيور الخضر من حواصل النسور الغبر رمسي، وإن نصرت فما أسعدني وأنا أمسي، ويومي خير من أمسي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015