نفسه، بأنواع المجاهدات والتهذيب زمناً طويلاً، ولذلك كان الشيخ عبد القادر يثنى عليه كثيراً ويقول: لو كانت النبوة تنال بالمجاهدة لنالها الشيخ عدي بن مسافر (?) قضى الشيخ عدي زمناً في مجاهدة "خاصة نفسه" بالتزكية، ثم عاد للمجتمع واستقر في منطقة " جبال هكار " في شمال العراق بين قبائل الأكراد الهكارية، حيث بنى له مدرسة وأقبل عليه سكان تلك النواحي إقبالاً هائلاً، لما رأوه من زهده وصلاحه وإخلاصه في إرشاد الناس (?)، ويصف ابن خلكان أثر الشيخ عدي في مجتمع الأكراد الهكارية فيقول: سار ذكره في الآفاق، وتبعه خلق كثير، وجاوز حسن اعتقادهم فيه الحد (?) ويذكر الذهبي أن من الآثار التي أحدثها الشيخ عدي بين الأكراد الهكارية انتشار الأمن في تلك المنطقة وارتداع مفسدي الأكراد وتوبتهم حتى صار لا يخاف أحد في تلك المنطقة الجبلية التي لم تكن آمنة قبل ذلك، وأنه انتفع به خلق كثير وانتشر ذكره.
لقد وصف الحافظ عبد القادر الرهاوي شخصية الشيخ عدي ومكانته فقال: ساح سنين كثيرة وصحب المشايخ، وجاهد أنواعاً من المجاهدات ثم سكن بعض جبال الموصل في موضع ليس به أنس، ثم أنس الله تلك المواضع به وعمّرها ببركاته حتى صار لا يخاف أحد بها بعد قطع السبل، وارتدع جماعة من مفسدي الأكراد ببركاته وعمّر حتى انتفع به خلق، وانتشر ذكره، وكان معلماً للخير، ناصحاً متشرعاً، شديداً في الله، لا تأخذه في الله لومة لائم عاش قريباً من ثمنين سنة، مابلغنا أنه باع شيئاً ولا اشترى ولا تلبس بشيء من أمر الدنيا، كانت له غليلة يزرعها بالقدوم من الجبل ويحصدها ويتقوت، وكان يزرع القطن ويكتسي منه، ولايأكل من مال أحد شيئاً، وكانت له أوقات لا يُرى فيها محافظة على أوراده وقد طفت معه أياماً في سواد الموصل، فكان يصلي معنا العشاء ثم لا نراه إلى الصبح. ورأيته إذ أقبل إلى قرية يتلقاه أهلها من قبل أن يسمعوا كلامه تائبين رجالهم ونساؤهم إلا من شاء الله منهم، ولقد أتينا معه على دير رهبان فتلقانا منهم راهبان، فكشفا رأسيهما وقبّلا رجليه
وقالاً: أدع لنا فما نحن إلا في بركاتك وأخرجاً طبقاً فيه خبز وعسل فأكل الجماعة وخرجت إلى زيارة الشيخ أول مرة، فأخذ يجادلنا ويسأل الجماعة ويؤانسهم .. وكان يواصل الصوم الأيام الكثيرة على ما اشتهر عنه، حتى أن بعض الناس كان يعتقد أنه لا يأكل شيئاً قط، فلما بلغه ذلك أخذ شيئاً وأكله بحضرة الناس واشتهر عنه الرياضات والسير والكرامات والانتفاع به ما لو كان في القديم لكان أحدوثة. ورأيته قد جاء إلى الموصل فخرج إليه