لنور الدين بمولده الجديد فقال:
وجئت بأحمد فملأت حمداً ... موارد كان معدنها عذاباً
تهلل وجه مُلك يوم أهدت ... قوابله لك المَلِك اللبابا
شبيهك لا يغادر منك شيئاً ... سنا وحياً وبذلاً واستلابا
قسيم الحمدِ إلا أنّ حرفاً ... من اسمك زاد للمعنىِ منابا
ألا لله يوم فُرّ عنه ... وركب نصّ بالبشرى الرّكابا (?)
وسرعان ما امتدت تقوى الرجل إلى زوجته وابنه الأكبر، فكانت زوجته تكثر القيام في الليل، ونامت ليلة عن وردها فأصبحت وهي غضبى، فسألها نور الدين عن أمرها، فذكرت نومها الذي فّوت عليها وردها، فأمر نور الدين عند ذلك بضرب الطبول في القلعة وقت السحر لتوقظ النائمين حينذاك للقيام، ومنح الضاربين أجراً جزيلاً (?)، وصفها المؤرخون بأنها كانت من أحسن النساء وأعفهن وأكثرهن خدمة متمسكة من الدين بالعروة الوثقى، وكانت لها أوقاف وصدقات كثيرة وبر عظيم (?)، وقد ذكر ابن كثير في أحداث عام 563هـ: وفي شوال وصلت امرأة الملك نور الدين محمود زنكي إلى بغداد تريد أن تحجَّ من هناك، وهي السَّتُّ عصمت الدين خاتون بنت معين الدين أنُر، فتلقاها الجيش ومعهم صندل الخادم، وحملت لها الإقامات وأُكرمت غاية الإكرام (?) وعرف عن الصالح إسماعيل تقواه العميقة والتزامه الأخلاقي المسؤول حتى رفض الأخذ برأي الأطباء في شرب شيء من الخمر عندما ألحّت عليه علة القولنج التي أودت بحياته. وقال: لا. حتى أسأل الفقهاء، فلما أفتوه بالجواز لم يقبل وسأل كبيرهم: إن الله تعالى قّرب أجلي، أيؤخره شرب الخمر؟ قال: لا فأجابه: فوالله لا لقيت الله وقد فعلت ما حّرم علي (?).
عندما قتل عماد الدين زنكي سنة 541 هـ كان ابنه الأكبر سيف الدين غازي مقيماً بشهرزور وهي إقطاعه من قبيل أبيه بينما كان نور الدين محمود وهو الابن الثاني لعماد الدين مع أبيه عند قلعة جعبر وبعد أن شهد مصرع أبيه أخذ خاتمه من يده وسار ببعض العساكر إلى