ثم ما لبث سوار أن قام - في نفس العام - بغاره واسعة على المواقع الصليبية في منطقة الجزر (?)، وزردنا، وأوقع بأعدائه عند حارم ثم عاد إلى حلب محملاً بالغنائم والأسلاب (?)، وأخذ نطاق الغارات والهجمات المفاجئة يتسع شيئاً فشيئاً، وشهد رجب من عام 530هـ محاولة واسعة قام بها سوار، إذ سار على رأس ثلاثة آلاف فارس من التركمان وفاجأ بلاد اللاذقية وأعمالها بهجوم مباغت لم يكن الصليبيون يحسبون له أي حساب، وتمكن بذلك من أسر سبعة آلاف أسير، والحصول على مقادير كبيرة من الغنائم، واجتياح عشرات من القرى والمزارع الصليبية ملأ المسلمون أيديهم منها بالأسرى والغنائم، وقد استبشر مسلموا المنطقة أيما استبشار لهذا النصر الكبير الذي أحرزه سوار، والذي كان بالنسبة لصليبي الشمال نكبة لم يمنوا بمثلها (?) والواقع أن ما شاهدته أنطاكية، خلال عامي 529هـ، 530هـ من فتن داخلية بسبب النزاع على الحكم، أسهم إلى حد كبير في عجز هذه الأمارة عن الدفاع عن نفسها إزاء هجمات المسلمين (?)
الأمر الذي دفع قائدهم إلى استغلال الفرصة وتحقيق نصر كبير ضد صليبي الشمال وفي أواخر العام التالي قام سوار بهجوم مباغث ضد سرية بيزنطية كبيرة العدد، كانت تتقدم شرقاً، وتمكن من قتل وأسر عدد من أفرادها ثم قفل عائداً إلى مقره في حلب (?)، ولم تمض سوى أشهر معدودات على هذا الهجوم حتى قام الصليبيون والبيزنطيون بإرسال قوات مشتركة لاحتلال قلعة الأثارب القريبة من حلب، وبعد أن حققت هذه القوات هدفها، أوكل إليها حراسة أسرى المسلمين الذين جمعوا في هذا الموقع. إلا أن سوار ما لبث أن خرج على رأس قواته وهاجم الحامية الصليبية والبيزنطية، وتمكن من استخلاص معظم أسرى المسلمين من أيديهم، وعاد بهم إلى حلب التي عمها السرور وسادتها الأفراح لهذا النصر الذي حققه أميرها (?) وفي عام 533هـ هاجم سوار عدداً من المواقع الصليبية واستولى على بعض الغنائم، إلا أن فرسان الصليبيين تمكنوا من اللحاق به وإنزال هزيمة بقواته أسفرت عن أسر ما يزيد عن ألف فارس منهم، وانسحب هو إلى حلب بمن سلم من جنده (?) واستمرت المناوشات بين الطرفين طيلة السنين التالية، وأصابها بعض