السني وغيرهم من أبناء الأمة وتحرك بهم من خلال جبهة عريضه تنضوي تحت راية أهل السنة والجماعة في مقاومة الأخطار الشيعية الرافضية وقد تحرك نور الدين في مشروعه الآنف الذكر من خلال مؤسسات المجتمع المدني، كالكتاتيب والمدارس والمساجد، والربط وأخذ بكافة الأسباب المادية والمعنوية المعينة على تحقيق الهدف المنشود من صبغ الدولة النورية ورعايا الدولة من المسلمين بالكتاب والسنة وقد أثمرت جهوده في بلاد الشام وعلى سبيل المثال في حلب، فقد تسابق أمراءه وأعيان دولته وخلفاؤه من بعده إلى إنشاء المؤسسات العلمية حتى غدت حلب بعد فترة يسيرة نسبياً مركزاً من مراكز الثقافة السنية بعد أن كانت وكراً من أوكار الشيعة الإمامية والإسماعيلية وقد أحصى المؤرخ عز الدين ابن شداد ت 684هـ مدارس حلب في أيامه فوجدها أربعا وخمسين مدرسة موزعة بين المذاهب الفقهية الأربعة منها: إحدى وعشرون للشافعية واثنتان وعشرون للحنفية، وثلاث للمالكية والحنابلة وثماني دور للحديث الشريف بالإضافة إلى إحدى وثلاثين مقراً للصوفية وقد أتت هذه المؤسسات العلمية ثمارها المرجوة إذ انقرض المذهب الإسماعيلي الباطني في حلب في حدود عام 600هـ وأخفى الشيعة الإمامية معتقداتهم حتى انتهى بهم الأمر إلى أن أخذوا يتنكرون وبأفعال السنة يتظاهرون.

وهذا بفضل الله ثم جهود المصلح الكبير نور الدين وخلفائه الذين اقتدوا به في الإكثار من المدارس السنية وتعيين الأساتذة الأكفاء لها والإنفاق عليها بسخاء حتى تراجع التشيع في هذه المدينة وأصبحت السيادة فيها لمذهب أهل السنة وهذا يدل على أهمية التربية العقيدية والفكرية والثقافية في التمكين للإسلام الصحيح في نفوس الناس.

ومما ساعد نور الدين محمود على تحقيق برنامجه الإصلاحي أن جهوده جاءت تالية لجهود المدارس النظامية، فانتفع بما حققته من نتائج وفي مقدمتها تخريج جيل يحمل على عاتقه مهمة الدعوة للمذهب السني والانتصار له.

3 - ومن معالم التجديد في دولة نور الدين حرصه على إقامة العدل، فقد كان قدوة في عدله، أسر القلوب، وبهر العقول فقد كانت سياسته تقوم على العدل الشامل بين الناس وقد نجح في ذلك على صعيد الواقع والتطبيق نجاحاً قل نظيره حتى اقترن اسمه بالعدل وسمي بالملك العادل ومدحه الشعراء على ذلك فقد قال العماد الأصفهاني في عدله:

يا محي العدل الذي في ظله ... من عدله رعت الأسود مع المهَا

محمودٌ المحمودُ مِن أيامه ... لبهائها ضحك الزمان وَقَهْقَها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015