الجزية (?).
وتمكن الأحنف بن قيس من التوغل في خراسان الإقليم الشمالي الشرقي من بلاد إيران ففتح هراة عنوة ثم صالح أهلها وأرسل القوات إلى نيسابور وسرخس، وسار بنفسه إلى مرو حيث يقيم يزدجرد الذي فرَّ منها إلى مرو الروذ ثم منها إلى بلخ وتبعه الأحنف فسقطت بلخ وفرَّ يزدجرد إلى سمرقند لائذاً بخاقان الترك، وجمع خاقان جيشاً من فرغانة والصغد، وجاءت أوامر عمر إلى الأحنف أن لا يتقدم في بلاد الترك، فقد اتسعت الفتوح ولا يؤمن انتقاض الفرس في البلاد المفتوحة مما يهدد خطوط رجعة المسلمين. وقد تقدم خاقان بجيوش الترك لحرب الأحنف، لكنه عرف أن المسلمين لن يتقدموا في بلاده فرجع عن قتالهم. أما يزدجرد فقد فقد أمله بتراجع خاقان، وكان قد تقدم مع خاقان إلى مرو، فلما انسحب خاقان حاول أخذ خزائنه من مرو والالتحاق بخاقان، فرفض سكان المدينة ذلك فلما أصر ثاروا به وقتلوه (?).
وهكذا تم فتح بلاد إيران في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأقام المسلمون المسالح في شتى أرجائها متوقعين انتقاض الفرس في هذه الديار، لقد كانت فتوح المشرق عنيفة اقتضت من المسلمين تضحيات جسيمة بسبب اختلاف الدم، فسكان إيران فرس لا تربطهم بالعرب لغة ولا جنس ولا ثقافة، وكان الشعور القومي عند الإيرانيين يذكيه التاريخ الطويل والثقافة المتأصلة، كما أن القتال كان يدور في صميم الوطن الإيراني ويشترك رجال الدين المجوس في تأليب السكان على