2 - وإمّا فى الانتقال (?): كقول الآخر (?) [من الطويل]:

سأطلب بعد الدّار عنكم لتقربوا … وتسكب عيناى الدّموع لتجمدا

فإن الانتقال (?) من جمود العين إلى بخلها بالدموع، لا إلى ما قصده من السرور ...

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(قوله: وإما فى الانتقال) يعنى أن يكون التعقيد راجعا إلى خلل معنوى، وهو أن لا يكون انتقال الذهن من المعنى الذى هو ظاهر إلى المراد ظاهرا. فإن قلت: هذا والذى قبله، يرجعان إلى المعنى فلم جعل الأول لفظيا والثانى

معنويا؟ قلت: لأن الأول أوقع فى الجهل البسيط وهو عدم الفهم، والثانى أوقع فى الجهل المركب، وهو فهم الشئ على غير ما هو عليه، ومثله بقول العباس بن الأحنف:

سأطلب بعد الدّار عنكم لتقربوا … وتسكب عيناى الدّموع لتجمدا (?)

المعنى: أن من عادة الدهر معاكسة المقاصد. قال فى الإيضاح: كنى بسكب الدموع عما يوجبه الفراق من الحزن، وأصاب؛ لأن البكاء يكنى به، كقول الحماسى:

أبكانى الدّهر، ويا ربّما … أضحكنى الدّهر بما يرضى (?)

قلت: لا حاجة إلى الكناية بالبكاء، وجاز أن يكون أراد حقيقته، والمراد أنه انتقل عن المعنى الظاهر وهو جمود العين إلى السرور بالاجتماع. قال: وأراد أن يكنى عما يوجبه التلاقى من السرور بجمود العين لظنه أن الجمود خلو العين من البكاء مطلقا من غير اعتبار شئ آخر وأخطأ؛ إذ الجمود خلو العين من البكاء حال إرادة البكاء منها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015