26 - فصل
فيما أفادهم مخالفة الجماعة من الأمور المضرة:
أولها: العلاسة، ولا تكاد تجد منهم رجلا منورا بنور الطبع كسائر العوام، ولا بنور القلب كجملة الخواص، بل غالب وجوههم عليها نور مكسوف يدركه كل من له أدنى فطنة، فيميزهم به من غيرهم وإن كان لا يعرفهم، وذلك من اختلاط الحق بالباطل في فعلهم، فإن كل حقيقة لها نور على نسبتها، فافهم.
الثاني: عدم التأثر والتأثير بأذكارهم وعباداتهم، حتى لا يخشع لها قلب ولا يهتاج لها لب، ولا يوجد لها ذوق غير لذة الاعتياد والامتياز، ولذلك لا ترى منهم صاحب وجد ولا حال، ولا من يفهم ذلك من حيث التحقق والذوق، يعرف ذلك من تأمله فيهم.
الثالث: وجود القساوة والجفاء والغلظة والتعصب، حتى أداهم ذلك لإباحة عرض من خالفهم ورؤية إضرارهم حسب إمكانهم، وذلك أحد الوجوه الناشئة عن شؤم البدعة، وحب الرئاسة والصولة على الخلق.
الرابع: وجوه الحرص على الاستتباع حتى انجر بهم إلى أن صاروا يبعثون أصحابهم في البلاد، فيدعون الناس لاتباعهم ويراودونهم بإعطاء الدراهم وقهرهم بما أمكن، حتى صرعوا رجلا وجعلوا أيديهم في يده، وقالوا: أخذت علينا، حدثني بذلك العامل والمعمول به ذلك، وهذه مصيبة في الدين، وفضيحة في الآخرة، وضحكة في الدنيا عند كل ذي عقل سليم، أعاذنا الله مما ابتلاهم به.
الخامس: استحسان أحوالهم، والرضى عن نفوسهم، ورؤية الفضل لها على من سواهم، والاكتفاء بأحوالهم وعلومهم ومشايخهم، وهذه من أصول الجهل، وقواعد الضلال، فقد قال المشايخ (ض): لا يكون العاقل عاقلا حتى يفتقر بعقله إلى كل عقل، ولا يكون عالما حتى يفتقر بعلمه لكل علم، ولا يكون مريدا حنى لا تبقى له إرادة، وقال في الحكم: أصل كل معصية وغفلة وشهوة الرضى عن النفس، وأصل كل طاعة ويقظة وعفة عدم الرضى منك