الرابعة: التصرف في أبشار الناس وأموالهم مع وجود الرضى منهم (?) دون توقف، أعني أصحابهم ومن يعتقدهم، وهذا أمر مباح أفاده التعظيم والاعتقاد، والأنس والمودة، ولكنه محل الغلط في التصرف على وجه لا يسوغ شرعا، وإن ساغ فلا يؤمن اختلال شرطه مع التكرار، وربما يحصل له بذلك ضرر، فلا يصح كونه فائدة، ولا زيادة إلا بالصورة، والله أعلم.
الخامسة: وجود التعزز ونفوذ الكلمة، بطريق العادة، بل على سبيل الصولة وكمال رفع الهمة، إذ لا تجد أحدا منهم يتعرض للسلطان ولا غيره لينال من دنياه، ولكن مشغولا بسبب، أو مكتف بما عنده من أسباب الدنيا، وهذه كلها مصيبات وابتلاءات لا كرامات، فقد قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي (?) (ض): إنما هما كرامتان جامعتان محيطتان: كرامة الإيمان بمزيد الإيقان وشهود العيان، وكرامة الاقتداء والمتابعة وترك الدعوى والمخادعة، فمن أعطيهما ثم جعل يشتاق إلى غيرهما فهو عبد مفتر كذاب، وذو خطأ في العلم والعمل بالصواب، كمن أكرم بشهود الملك على نعت ارضى، فجعل يشتاق إلى سياسة الدواب، وخلع المرضى، قال: وكل كرامة لا يصحبها الرضى عن الله، فصاحبها مستدرج مغرور، أو ناقص أو هالك مثبور، انتهى.
والكلام في هذا يطول ويخرج عن الغرض، وكل فائدة كان مظهرها عالم الملك فلا عبرة بها، إذ الكائن في الكون لم تفتح له ميادين الغيوب، مسجون بمحيطاته، ومحصور في هيكل ذاته كما قال في (الحكم) وللعاقل إشارة، وبالله التوفيق.
...