ذوق، ولا فهم خارج عن القياس الأول، إلا لذة نفسانية، غالبها من استشعار الرئاسة، والالتذاذ بالامتياز، والاختصاص بالنسبة ونحوها، هذا ما وجدت في صادقهم، فأما غيره فلم أر منه إلا لعبا ولهوا، وفخرا وكبرا (?) وتعصبا وخروجا عن الإضمار بكل وجه، وكل من تأمل ذلك وجده عند مخالطتهم والنظر في أحوالهم، وبالله التوفيق.
...
15 - فصل
في ذكر ما بنوا عليه طريقهم
(تفصيلا وما اعتقدوه فيها ردا وقبولا) (?).
وهو ثلاثة أمور:
أحدها: مخالفة النفس بكل وجه أمكن، وغلطوا من حيث التعميم، وظنهم ابتناء الأمر على مخالفتها مطلقا، وليس الأمر كما زعموا، بل مخالفتها مقصود لموافقة الحق، فإذا كان في موافقتها وهو مقصود كان مخالفة لها في عين التلبس به، لأنا لو قدرنا خلوه عن هواها لآثرناه، ولو قدرنا انفراده بهواها لتركناه، فكان هو المقصود، لا هي، ولذلك قال عمر بن عبد العزيز (ض): "إذا وافق الحق الهوى فذلك الشهد بالزبد"، وقد قال تعالى: {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} (?) فأشعر أن الهدى هو المقصود، فافهم.
الثاني: التجرد عن المعتادات بدلا من الأنس بها، وقد انجر بهم ذلك حتى دخلوا به في باب الفضائل، والمطلوب من السنن المتعلقة بالفرض وغيرها، فتركوا ما ألف منها، وآثروا ما لم يؤلف وإن كان مخالفا لها، وربما جنحوا، لأن الأجر على قدر المشقة، وليس كذلك، بل الأجر على