بقي عليل القلب سقيما، لا هو استفاد منكم العمل بما علم، ولا هو علم بما لم يعلم، بل صار أسير الفاس والمسحاة، حليف الجهل والضلال والعياذ بالله، يرحم الله من قال من المشايخ: ذهب الإيمان من أربعة: لا يعملون بما يعلمون، ويعملون بما لا يعلمون، ولا يتعلمون ما لا يعلمون، ويمنعون الناس من التعليم، انتهى من رسالة القشيري وهو عين الحال، والله أعلم.
ـ[فائدة]ـ: ذكرت لشيخنا أبي العباس الحضرمي (?) (ض) قول سيدي محمد الهواري (?) رحمه الله: لم يبق شيخ بمغربنا، فقال: ارتفعت التربية بالاصطلاح في سنة أربع وعشرين (?) من جميع الأرض، ولم يبق إلا الإفادة بالهمة والحال، فعليكم باتباع السنة والكتاب من غير زيادة ولا نقصان، يعني على طريق الجادة المتعارفة، فإنها العصمة الواقية من كل ضلال وشبهة، قلت: وعلمه بذلك مستند إلى التحقيق في وجود الدلائل والعلامات، كما يقوله الفقهاء في ارتفاع الاجتهاد، والله أعلم.
وإنما كان ذلك لأن الاصطلاح إنما يفيد في مثله دفعا وجلبا، بحيث كانت الحركات النفسانية اصطلاحية، حيث نفعت فيها الأمور الاصطلاحية، فلما سرت الظلمات في الحقائق لم تفد فيها غير الحقائق، فكان النفع في الهمم كما كان في أول الأمر، حيث تمكنت ظلمة الكفر والجهل من النفوس، فلم يعد إلا طلوع شمس النبوة بعموم الدعوة ونور الهداية، فمن يهديه من بعد الله، فافهم.
ثم لقد تتبعت بفكري الطرق الاصطلاحية الموجودة بأيدي الناس الآن، فلم أجد عند أهلها نفحة من فتح ولا نور، ولا حقيقة ولا علم ولا