ذلك أتاه بعض الشياطين، وادعى له هذه المرتبة، وقال له: أنت وزيري، وأراه زيادة في خلقته مستغربة، فاعتقد ذلك وعمل عليه، ووعد الناس به، حتى كتب لبعض الملوك في تهيئه ضيافته، وقال: إنه يخرج في سنة ثلاث وثمانين، فكانت تلك السنة سنة موته رحمة الله عليه، فبقي عند الناس كذابا ومغرورا، وما هو إلا الجهل والحرص على المنافع العامة، أعاذنا الله من البلاء بمنه، وكم من أخرق قام بدعوى هذه المرتبة فكانت سبب حتفه، وفساد دينه ودنياه، لأنه يتعرض لما لا حاجة له به، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

ويقع في رذائل، منها: تغيير قلوب الملوك إن سلموا منهم، وهو حرام إجماعا، ومنها فتح باب المحنة على نفسه، وباب الفتنة على المسلمين، باتباع القيام والخروج عن الأمراء، ولو بالإرادة والمحبة لذلك، وهو أيضا مضر بالدين اتفاقا، ومنها إغراء الملوك على الجنس (?) حتى يؤذوا من يتكلم بالحق، أو يربوا من يتوهم منه ذلك على اتباع أغراضهم، فيجعل الشريعة سببا لذلك، وربما اتحدت (?) بهم الأمراء لإشاعة أمور يستعينون بها على أمرهم في ذلك، وذلك كله في ذمة المتحركين في هذا الأمر، ومنها الدخول في علم الحدثان، تارة بطريق التنجيم ونحوه، وتارة بالأجفار (?) والعمل بها، التي أكثرها كذب ومحال، ثم هي وإن صادفت فغالب الأمر كذبها، فلقد حدثني من لا أشك في صدق خبره أنه عمل أبياتا على صورة جفر لبعض الأمراء كان يواليه، وأنه سيكون منه ويكون، فعمل الأمير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015