هو إلا الركون للبطالة وحب الشهوة بالباطل، ويرحم الله القائل:
إن تكن ناسكا فكن كأويس ... أو تكن فاتكا فكن كابن هاني
من تحلى بحلية ليست فيه ... فضحته شواهد الامتحان
القسم الثاني: قوم آثروا المصالح العامة، وتتبعوا الفضائل فجنحوا لإطعام الطعام، واستئلاف العوام، ومعاناة الظلمة في الرد عن الظلم تارة بالشفاعة، وتارة بمفارقة السمع والطاعة، ورأوا ذلك دينا قيما وصراطا مستقيما، فدعاهم ذلك إلى الخروج عن الحق والإضمار، واضطرهم لوجود الرئاسة والاستظهار، فاحتاجوا لما يقوم به ناموسهم، وما تصح به صولتهم وعبوسهم، فرجعوا لطلب ما لا يطلبه إلا من قل فلاحه من علم الكنوز والكيمياء، وأسرار الحروف ونحو ذلك، فاضطرهم الكنز لتضييع الواجبات والسنن، والكيمياء لوجود الزغل والمحرمات والمحن والفتن - وغير ذلك - للسحريات وعبادة الوثن، فإذا عوتبوا بذلك، احتجوا بوقائع ذكرت عن مشايخ، أكثرها باطل وجلها تداركهم الله فيه بلطفه قبل الوقوع في تلك الرذائل، ويتهافتون في ذلك بما أمكنهم من دين ودنيا، ويرون فيه سر الممات والمحيا، وما هو إلا البلاء والوسوسة الباقية من حب الدنيا، لأنهم إن تعلقوا (?) بالوصول لإطعام الطعام، فالصدقة من القلة أفضل، وإن أرادوا إقامة المنصب والاحترام، فحرمة الله أوفر للمؤمن، وأحسن من ارتكاب الآثام، ولكن القلوب عمية، {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور}، وسرى لهم ذلك من الدخول فيما لا حاجة لهم به، وربما كان فيه حتف أحدهم من الكلام في الفاطمي (?)، وذكر زمنه، وترصده والاستفتاح به، والبحث عنه، حتى لقد رأيت بعض أكابر بلده هجر وطنه، ولازم موضعا تضيق فيه أخلاق أمثاله، وهو صابر على ذلك سنين لترصد هذا الأمر، ثم مات في ترصد ذلك، رحمة الله عليه، ورأيت بعض أهل الخير ممن يتعهد