شموا من ذلك، وذاقوا بعضه، وقد قال الشيخ أبو عبد الرحمان السلمي (?) (ض): من حكى حكايات السلف واتخذها لنفسه حالا وص خال عنها، وفرح بقبول الناس له على ذلك، فهو من أخس العباد حالا وأفسدهم طريقة وأبعدهم عن منهاج الصديقين، ثم قال: عجبا ممن يفرح بمال غيره، والنبي (ص) يقول: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" (?) والله تعالى يقول: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} (?) لأنهم تزينوا بأحوال هم عنها خوال، وعملوا أعمالا بعيدة عن الإخلاص، ولا يطأ بساط الحق إلا الصادقون في أحوالهم وأفعالهم وأقوالهم، ومن صفا صفي له، ومن خلط خلط عليه، انتهى.

قلت: ورأيت من هذا النوع آحادا اعتقدهم الناس وأكبوا على أتباعهم، فحرموهم العلم والعمل بما شرطوا لهم من عدم ذلك، وحيروهم في الحقيقة عما هم مطلوبون به بما هم مستغنون عنه، وكذلك النوع الذي قبله، بزيادة أنهم ربما أضلوا بعض الضعفاء بكلام الأقوياء، وأدخلوا على عامة الطلبة من الدعاوي والكذب ما هم عنه أغنياء، وأكثر ما رأيت هذا النوع في بعض البلاد الشرقية، وهما أي النوعين أمثلهم (?) طريقة، وأسلمهم منهاجا وأقل اتباعا، والله أعلم.

النوع الثالث: قوم فرحوا بما عندهم من الظاهر، وجمدوا عليه، وشطحوا بما فهموا من علم الباطن ودعوا إليه، فأخذوا في الإنكار على من خالفهم، وموالاة من تبعهم وحالفهم، وجعلوا العلم حجة لأنفسهم في كل ما يجري عليه، وربما جهلوا أو حسنوا الظن بأنفسهم، حتى وقعوا في مهاو من الضلال، كإباحة بعض المحرمات، وارتكاب بعض