النوع الأول: قوم أخذوا بدقائق التوحيد وشقاشق الشطحات، فأكبوا على كلام أهل ذلك الفن، مثل: ابن سبعين (?) وابن الفارض (?)، والحاتمي (?) ومن نحا نحوهم من غير تعريج على طريقتهم في باب المعاملات، فظهر لهم أنهم حصلوا ما فهموا، ووقفوا بذلك على التحقيق بما توهموا، وحصل لهم من ذلك ذوق فهمي استلذوا به في نفوسهم، وربما أثر سريانه فيهم على محسوسهم فحرموا التحقق والعمل، وتعلقوا بالأماني والأمل، وهذا إن سلموا من معتقد فاسد، أو تجاسر على الربوبية والنبوءة في بعض المقاصد، وهذه طريقة كثير ممن يعجبك شأنه، ممن له في الطلب قدم أو الفهم وجه، لا سيما بعض المشارقة، نسأل الله السلامة، ثم كلامنا في ذلك ليس طعنا فيمن أخذوا بكلامهم، لكن في أخذهم له مع عدم تحققهم به، فافهم.
النوع الثاني: قوم تعلقوا بعلوم الأحوال والمقامات، ووقائع النفوس وموارد الحقائق، ورأوا أن ليس وراء ذلك مطلب، فاحتقروا العباد والزهاد، وادعوا أن ما هم عليه عين السداد، ثم مع ذلك فهم خائضون في أمر ليسوا منه على حقيقة، بل فهموا كلام الأئمة في ذلك، فادعوه حالا لأنفسهم بما