الثاني: مراعاة شروطه وآدابه في الزمان والمكان والإخوان والقيام بحقوق الإسلام والإيمان والإحسان، فقد قيل للجنيد: كنت تسمع فلم تركت؟ فقال: ممن (?)؟ قيل له: من الله، قال: فع من؟ فالسماع عورة لا تبدى إلا مع حر كريم، وإنما عورته بما يبدو فيه حال السكر، كما قيل:
وصن سرنا في سكرنا عن حسودنا ... وإن أنكرت عيناك شيئا فسامحنا
فإنا إذا غبنا وطابت نفوسنا ... وخامرنا خمر الغرام تهتكنا
ولا تلم السكران في حال سكره ... فقد رفع التكليف في سكرنا عنا
رفع التكليف لفقدان التمييز، وقد قال بعض العلماء: لا يجوز لمن يعلم من نفسه ذلك، الإقدام عليه، لوجوب حفظ العقول.
الثالث: الفرار منه والتقليل، لما يقع فيه من الغلط والضرر، فقد قال النصراباذي (?) لابن نجيد (?) رحمهما الله: مجلس السماع خير من أن تغتاب الناس، فقال ابن نجيد: زلة في السماع شر من أن تغتاب الناس كذا كذا سنة انتهى، وإنه لصحيح مليح، لأن السماع حمى الصدق، وعلة الورع، ومفتاح الفتنة كيفما كان، وهو نقص كله، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.
الرابع: أن تعتبر الصدق والحقيقة في مواجيده ومواريثه (?)، فكل مجلس سماع لا يظهر أثره على سامعه في دينه وقلبه من يومه فهو عليه لا له، وكذا كل وارد.