قال في الحكم: إنما أجرى الأذى عليك منهم، كي لا تكون ساكنا إليهم، أراد أن يزعجك إليه من كل شيء، حتى لا يشغلك عنه شيء، انتهى.
ثم جرت سنته تعالى في المنكرين أن يبتليهم ببلايا ظاهرة في الوجود متى خالطهم في الإنكار هوى، ولو قل، لأنه تعالى يغار لهتك حرمة جنابه إلا بإذنه، فالمعترض له بالهوى مخذول، والمصر لدين الله منصور، وأكثر الناس يقصدون الحق في الإنكار، فإذا رد عليهم اشتدوا لنصرة أنفسهم، وانقلب الأمر عليهم وهم يظنون أنهم قاموا لله، وغيرهم يرى ذلك من خاصية الإنكار، وهو جهل من الجميع، أعاذنا الله من البلاء، وسلك بنا سبيل السنة بلا بدعة ولا إنكار بمنه وكرمه.
77 - فصل
في التظاهر بالأمور الغريبة من الشطحات والطامات وغيرها
وهي أمور تبدو على أصحاب الأحوال من الصادقين في مبادئ الفتح والتلوين، لا تناهي التمكين، فلذلك قيل: التلون مجون، والتمكن معرفة، وأين الحال من الصفة، وغالب أمرها إنما تصدر عمن سلك من طريق العلم أو طريق التجريد، أي: سلك على طريق العمل والتأدب، لأن فيضان نور المعرفة على حسب بساطه، وكل ذلك إناء يرشح بما فيه، وتحقيق ذلك يطول، لكن هذا صوابه.
لكن هناك طوائف من الناس استظهروا بهذه الأمور عن حقائقهم، إما لغلبة وارد، فمعذورون بالغلبة غير مقتدى بهم، وهو حال الغالب، كالحلاج ومن جرى مجراه منهم.
(وإما للتنبيه على موارد الواردات، كحال الحاتمي ومن جرى مجراه) (?) ولا عذر له في ذلك، إلا من حيث أنه يقول: إنما تكلمت بخاص في خاص، يفهم ما أريد مما أورد، ولكل قوم اصطلاح، والعبارة