حروفها، وكتبها بغير ما يحل من دم ونحوه، أو إذاية بعض الحيوانات، كالخنفطرات (?) المبنية على رماد الخطاف وغيرها، الموقوفة على دم الحمام وزرقه، وقد يكون من باب التوغل في الأسباب القادحة في التوكل، كما أشار إليه الشيخ ابن عباد في مسألة الخاتم الوبائي (?) أعني حي، حميد، حنان، حليم، إلى غير ذلك، مع أنه شغل وقت بما غالبه غير نافذ، ولا مظنون النفوذ، وربما هلك فيه مستعمله، كما اتفق لكثير من أهله، لعدم علمه، وفقد مساعدة قواه عليه، فإن الخاصية التي يقع عليها الانفعال مركبة من صفة نفسية، وحقيقة قلبية، وحركة عملية (?) كالمغناطيس للحديد، لا يجذب غيره ولا يتأخر عنه، وقد قال علماء الفن: لا ينتفع أحد به إلا عالم يعرف حقائق ما يتحرك فيه، أو جاهل يعظم في نفسه ما يتوهمه من قوته، فلذلك لا ينتفع عالم بمجهود، ولا جاهل بواضح، بل بمبهمات، قالوا:
والاختيارات الفلكية معتبرة لتقوية الهمة حتى تقع الحركة عنها.
وقد قال الشيخ محيي الدين بن عربي في بعض كتبه: علم الحروف علم شريف، إلا أنه مذموم دينيا ودنيا.
قلت: أما ديينا، فلأنه مثبط للهمة، وتعمق في الأسباب من غير وجه صحيح، وأما دنيا: فلأنه متعلق بأوهام مع توقفه على شروط معدومة، فالعمل فيه عمل في غير معمل، فمن شروطه إدراك مبادئه ذوقا ومعرفة مبانيه تحقيقا، ومعرفة مواقعه حقيقة بنظر دقيق، وذلك بعيد من النفوس، فلذلك قل من ينتفع به، إلا على يد شيخ كامل ونحوه من طريق الإعانة في باب الذكر، فاضرب عنه صفحا إن كنت عاقلا، وبالله التوفيق.
...