من وجوب البيان الذي لا قدرة له عليه إلا بإلقاء نفسه في الهلكة، وإن لم يبين أكل حراما، ثم إن اطلع عليه ردت شهادته وإمامته، انظر القلشاني (?) في بيوع الرسالة عند قوله: (ولا ما إذا ذكره كرهه المبتاع).
وأما قلة عقله فتعريض نفسه للتلف، ودينه للنقص، وماله للهلاك، ومروءته للطعن بأمر متوهم، الغالب عدم وجوده بل فقده جملة وتفصيلا، كما قيل:
كاف الكنوز وكاف الكيمياء معا ... لا يوجدان فدع عن نفسك الطمعا
وقد تحدث أقوام بأمرهما ... وما أظنهما كانا ولا وقعا
وأما قلة مروءته فلأنه يعرض نفسه للمقال عند الاطلاع عليه، إذ لا ينسب إلا للتدليس والغش، ولو كان يأتي بأصل الحكمة وينبوع المعادن، وأيضا فلا يصح له ما يفعل إلا بالاحتياج لقوم لا خلاق لهم، واطلاعهم على سره من اليهود وأشباههم من أهل المعرفة بأنواع المواد والوجوه والتحقيقات، وإلا كان ماشيا في عمياء، ومن لم يأنف من مثل هذا في سببه فهو خسيس الهمة، وما يدعيه من الفوائد في جنب ما يحصل له من الشر كنقطة في بحر.
واحتجاج المحتج بوقائع الأكابر في ذلك، احتجاج بأمراض وقعت لمن تداركه الله على نفع العلة، ولقد رأينا هذه الصناعة ومن يطلبها مقرونة بالذل والفقر، وقال لنا بعض المشايخ:
ما وقع عليها أحد قط، إلا وقع في فقر الأبد، وهو البخل، أو غنى الأبد، وهو القناعة، حتى لا ينتفع بها، ولقد عاينا ذلك في كل من يتهم بها، فأما علمها مجردا فلا بأس به، لما فيه من الاطلاع على أسرار العالم وحكمة التركيب والتحليل وأسرار وجوده، ولقد كان بعض المشايخ يسلك به من حيث الهمة والفعل، لا من حيث الطلب والتحصيل، فاتهم به وله طريقة.