الذهن بالخلافيات، واتساع التأويل في الحركات، ورؤية النفس بالتحصيل، مع مصاولة الأقران ومكائد الإخوان، والاشتغال بوجوه الهذيان، فتعلم مستمعا ساكتا، مقتصرا على محل الفائدة، متبرئا من الدعوى ورؤية النفس، تسلم من آفاته، وبالله التوفيق.

الثالث: علم التصوف والأحوال، وفائدته تحقيق العبودية، والنظر في وجه تعظيم الربوبية، بإقامة الحقوق، والإعراض بالحق عن كل مخلوق، وأقل ما يجزئ فيه (بداية الهداية) للغزالي، وأوسطه منهاجه أو بعض كتب المحاسبي، وأعلاه كتب ابن عطاء الله ومن نحا نحوه، وأما كتب الحاتمي (?) وابن سبعين وابن الفارض (?) وأبي العباس البوني (?)، ومن جرى مجراهم، فلها رجال لهم في الحقائق مجال، وعندهم في التمييز مقال، فلا يشتغل بها في البداية إلا غوي، ولا في النهاية إلا خلي، ولا في التوسط إلا ذكي (?) يأخذ بما بان رشده، ويسلم ما وراء ذلك، ليسلم من آفاته، وما هو إلا كما قال بعضهم في ترجمة من كتاب له: بحر طامس، يحتاج لبحري غاطس، وقد أولع به قوم فضلوا وأضلوا، وفارقوا العمل بما توهموه، فزلوا وربما ادعوا ما فهموه أو تنسموه حالا لأنفسهم، فافتضحوا بشواهد الأحوال، كما قيل:

من تحلى بحلية ليست فيه ... فضحته شواهد الامتحان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015