وسئل الجنيد (ض) عن العلم النافع فقال: هو أن تعرف ربك ولا تعدو قدرك، قال في (التنوير): والعلم النافع، هو الذي يستعان به على طاعة الله، ويلزمك المخافة من الله، والوقوف على حدود الله، وهو علم المعرفة بالله، ويشمل ذلك العلم بالله والعلم بما به أمر الله، إذا كان تعلمه لله، وقال في موضوع آخر: الذي يطلب العلم لله إذا قيل له: غدا تموت، لا يضع الكتاب من يده.
قلت: وذلك لقيامه بحق وقته، وخلوه عن الفضول حتى لا يرى أفضل مما هو فيه، فاختار أن يلقى الله عليه، والله أعلم.
والعلوم المعينة على تنوير القلب أربعة:
أولها: علم التوحيد والإيمان، وأقل ما يجزئ منه عقيدة مجردة عن البرهان، محررة في البيان، كترجمة العقيدة للإمام الغزالي (?)، وما جرى مجراها، وأوسطه ما في رسالته القدسية، وأعلاه معرفة أصول المذهب الحق وقواعده، وأضر ما فيه فرض الشبه والاشتغال بأنواع التأويل من غير احتجاج لذلك، لأنه مشتت للقلب، مشوش للذهن، موهن للإيمان، مضعف لحرمة الربوبية من القلب، إلا في حق كامل منتصر للشريعة بما أوتيه من العلم والبيان، فيقوم بذلك دفعا لأهل الاعتراض، ومداواة لذوي القلوب المرضى، لا لخلي سليم غير محتاج إليه، ولا قادر على القيام عليه، والله أعلم.
الثاني: علم الفقه والأركان، وأقل ما يكفي فيه معرفة عقود الأبواب وشروطها، وأوسطه ما يتسع به النظر في الأحكام، وأعلاه ما تثبت به الحجة والمحجة من العلم، بالتوجيه والتنظير والدليل والتعليل، وأنواع التقسيم إلى غير ذلك، وأضر ما فيه التشدق (?) في المجالس، وتشتيت،