قال بعض المشايخ يوصي بعض إخوانه: عليك بالذكر عند البسط، وبالفكر عند القبض، وبالحمد على كل حال، ووردك لا تغفل عنه، إن فاتك بالليل أخلفه بالنهار، وإن سافرت فاجعل وردك في الذكر، أو اتركه على حاله، ولا تغفل عن طلب العلم، فبه يصعد السعيد إلى المراتب العلية، وبالعمل يثبتون عليها، وقد صح أن العلم يفيد الكمالات، كما أن العمل الصالح يحفظها، والزمان الذي يتوسط لك بين أوقات الواجبات تصرفه في العمل الصالح على أي وجه كان، واجعل أكثره في طلب العلم، وصل صلواتك الخمس في جامع الخطبة، ولا تعاشر أحدا قبل إخوانك، واهجر منهم من أهمل الأدب، حتى يستغفر الله عز وجل، وعليك باحترام كل مسلم، ولا تسمح في قليل المنكر ولا كثيره، وأقل من البسط فإنه يجذب السالك إلى خلف، ويخرب على الواصل نظام كماله الأول، والله يديم تناولكم العافية في الدنيا والآخرة بمنه وكرمه، والسلام.

الرابع: رفع الهمة عن الخلائق، وإشخاص القلب للحقائق.

ومقدمة ذلك: بصيرة نافذة وأنوار متزايدة نشأت، عن بصيرة مستقيمة، وآداب سليمة، وقد سئل الجنيد (ض): كيف السبيل إلى الانقطاع إلى الله تعالى؟ قال: بتوبة تزيل الإصرار، وخوف يزيل التسويف، ورجاء يبعث السالك على العمل، وإهانة النفس بقربها من الأجل، وبعدها من الأمل، قيل له: فبماذا يصل العبد إلى هذا؟ قال: بقلب مفرد، فيه توحيد مجرد.

وقال الشيخ أبو الحسن (ض): عمى البصيرة في ثلاثة أشياء: إرسال الجوارح في معاصي الله، والتصنع بطاعة الله، والطمع في الخلق، فمن ادعى البصيرة مع واحدة من هذه فقلبه هدف لظنون النفس ووسواس الشيطان، وقال (ض) اجعل التقوى وطنا، ولا يضرك مرح النفس ما لم تصر على الذنب، أو ترضى بالعيب، أو تسقط منك الخشية بالغيب.

وقال أيضا (ض): من فارق المعاصي في ظاهره، ونبذ حب الدنيا من باطنه، ولزم حفظ جوارحه، ومراعاة سره، أتته الزوائد من ربه، ووكل به حارس يحرسه من عنده، وجمعه في سره، وأخذ الله بيده خفضا ورفعا في جميع أموره، قال: والزوائد زوائد العلم واليقين والمعرفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015