السادس: اشتراط بعضهم على مريده أن يعتقد فيه العصمة، وأن كل ما يصدر منه حق في نفس الأمر، وإن خالف الحق بصورته، ثم يضيق (?) عليه المباحات، ويسمح له في الواجبات، ولا ينبهه على المحرمات، ولا يعرج له على رد المظالم، ولا قضاء الفوائت ولا استدراك الوقت، ولا الحذر من أسباب المقت، بل يهمله إن كان ضعيفا، ويستخدمه إن كان قويا، ويستعين به إن كان فقيها، ويغلطه في نفسه إن كان له فهم، بأن يريه أن كلما يصدر منه من الفهوم ونحوها قبح، فإن قدمه على جماعة فقد شغله بما لا يمكن فلاحه بعده من الرئاسة، التي قطعت ظهور الكبار، فضلا عن هذا المسكين، أعاذنا الله من البلاء بمنه.
السابع: أن يصيره بعد أخذ العهد مملوكا لا يباع، وأسيرا لا يفدى، إذ يقيمه خديما للطاحونة، وحليفا للمسحاة، ويبقى معه لا روح له ولا مال، ولا ولد ولا أهل، ولا حول ولا حيلة، فيأخذه بأمور لا تطاق من غير شفقة ولا رحمة، ويريه أن ذلك في حقه منفعة، وتطهير لسره، قائلا: السر في التراب، والحكمة في الخدمة، ويذكر من الأمور الظاهرة على مشايخه من الآثار النفسانية ما يخفف عليه ذلك، ومنهم من يكتسب من مريده بالأخذ من ماله، وحجة من يكتسب على مريده، بأن يوجهه للسؤال، ويريه أن ذلك صلاح له في الحال والمآل، وأن مراده به إخماد نفسه، وإظهار صدقه، وزوال كبره، وما هو إلا سقوط المروءة، وثبوت دعوى الاختصاص، والفضيحة، وإجابة داء الطمع، والعياذ بالله، ومنهم من يكتسب من مريده، بحيث يكون له جاه أو شهرة، فينال بنسبته إليه مزية ومنزلة، فيأخذ من أموالهم، وينال من أغراضهم ما يريد، بسبب اشتهاره بمشيخة فلان، حتى اضطرهم هذا المعنى إلى إدخال أقوام لهم جاه غير مستقيم والتبجح بهم، والاستظهار بنسبتهم لهم، إلى غير ذلك، أعاذنا الله مما ابتلاهم به بمنه وكرمه، وهذا الأمر وإن لم يشعروا به قصدا، فهو كامن