الثالث: قبول كل أحد فيه على ما هو عليه، وتقريره على ما هو به من حسن أو قبح، دون انتقال إلى خلافه، سوى صورة طريقهم الذي غالب أمره بدعة، وما كان منه سنة، قد تركوا به ما هو آكد منه، وهو إلزام التقوى بترك الغيبة والريبة والكذب والخيانة إلى غير ذلك من أمور الدين التي لا يعرجون عليها.
الرابع: اعتقادهم أن التوبة لا تصح إلا بمتوب (?)، ولا تكمل إلا بشيخ، وإنه لا يصح أن يكون إلا من خرقتهم (?) وإن كان من غيرهم، فإما أن يسلموه على استنقاص وإما أن يطعنوا فيه، وهو شيء خارج عن الحق، فيرحم الله الشيخ أبا العباس بن الحسن نزيل تلمسان، حين جاءه بعض أصحابنا ليتوب على يديه فقال: إذا جاءتك التوبة فلا تتوقف علي، بل لا تأتيني إلا بعد تحصيلها إما طلبا للدعاء بالثبات، وإما لتعلم لوازمها، فكف.
الخامس: اعتقادهم أن الشيخ كاف عن العمل، والعمل لا يصح بعد العهد إلا بالشيخ، وهو أمر فاسد للبطالة في الأول، ولمخالفته الحق في الأمر الثاني، فقد جاء رجل لسيدي عبد السلام بن مشيش (?) (ض)، فقال له: أريد أن أستأذنك في مجاهدة نفسي، فأجابه بقوله تعالى: {لا يستئذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين * إنما يستئذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون} (?) فالتوبة لا تحتاج إلى متوب والمجاهدة لا تحتاج لإذن، لكن لمذكر حتى يقع الندم، ثم لمعلم حتى يعرف الحق، ثم لمعين حتى يحصل الثبات، وهو كمال لا شرط، والله أعلم.