وأما تفويت الصلاة لخدمة الإخوان فحرام إجماعا، ولا بارك الله في شغل أشغل عن الصلاة، لأنها عماد الدين، وأصل كل خير وتمكين، ولقد اختلف العلماء في تعارض الوقوف بعرفة وصلاة العشاء أيهما يقدم، لقوة الواجبين وفواتهما، فما ظنك بغير ذلك مما هو من حيز المندوب المخير، إن صح كونه مندوبا، فاعرف ذلك، وهذا أبو حفص الحداد (?) أحد الرجال الأكابر (ض)، كان إذا سمع النداء، وقد رفع المطرقة، ألقاها من خلفه خشية أن يعمل شيئا قبل إجابة داعي الحق، وكتب عمر (ض) إلى بعض عماله: إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (?) وقال بعض السلف في قوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} (?) يعني أخروها عن وقتها، إذ لو تركوها لكان كفرا، وقال الشيخ محيي الدين بن عربي رحمه الله: إن أردت الأولياء فاطلبهم في الخلوات وذكر مواضع، ثم قال: وإن أردت أن تكون منهم فلا يدخل عليك الوقت إلا وأنت في المسجد، فأما إن فاتتك تكبيرة الإحرام أو ركعة فأنت من العامة المطعون في إيمانهم، يعني بالنقص، ولا حديث عليك، وبالجملة فهذه مسألة بينة الغي ظاهرة الباطل، فلا يعمل بها إلا جاهل، ولا يقر عليها إلا مضل، ولا يأمر بها إلا من لا خير فيه، والسلام.
...