وانه لحرى أن يكون عوضا عن طيبات الآخرة أو منقصة لها ولا بد كما تقدم بيانه بخلاف من استكمل طيباته فى الآخرة لما منع منها فى الدنيا وأتى رسول الله بسويق لوز فأبى أن يشربه وقال: "هذا شراب المترفين".
قالوا: وقد سئل الحسن البصرى فقيل له رجلان أحدهما تارك للدنيا والآخر يكتسبها ويتصدق بها فقال التارك لها أحب الى قالوا وقد سئل المسيح قبله عن هذه المسألة عن رجلين مر أحدهما بلبنة ذهب فتخطاها ولم يلتفت اليها ومر بها الآخر فأخذها وتصدق بها فقال الذى لم يلتفت اليها أفضل ويدل على هذا أن رسول الله مر بها ولم يلتفت اليها ولو أخذها لأنفقها فى سبيل الله
قالوا: والفقير الفقيه فى فقره يمكنه لحاق الغنى فى جميع ما ناله بغناه بنيته وقوله فيساويه فى أجره ويتميز عنه بعدم الحساب بعدم المال فساواه بثوابه ويخلص من حسابه كما تميز عنه بسبقه إلى الجنة بخمسمائة عام وتميز عنه بثواب صبره على ألم الفقر وخصاصته
قال الإمام أحمد: حدثنا عبادة بن مسلم حدثنى يونس بن خباب عن أبى البحترى الطائى عن أبى كبشة قال سمعت رسول الله يقول: "ثلاث أقسم عليهن واحدثكم حديثا فاحفظوه فأما الثلاث التى أقسم عليهن فإنه ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزوجل بها عزا ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله له باب فقر" وأما الذى أحدثكم حديثا فاحفظوه فإنه قال إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقى فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم فيه لله حقا فهذا بأفضل المنازل عند الله وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو يقول لو كان لى مال عملت فيه بعمل فلان قال فأجرهما سواء وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يتخبط فى ماله بغير علم لا يتقى فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم الله فيه حقا فهذا بأخبث