بمكان قالوا وكذلك استقرت حكمته في شرعه على أن عقوبة الواجد أعظم من عقوبة الفاقد فهذا الزانى المحصن عقوبته الرجم وعقوبة من لم يحصن الجلد والتغريب وهكذا يكون ثواب الفاقد أعظم من ثواب الواجد
قالوا وكيف يستوى عند الله سبحانه ذلة الفقر وكسرته وخضوعه وتجرع مرارته وتحمل أعبائه ومشاقه وعزة الغنى ولذته وصولته والتمتع بلذاته ومباشرة حلاوته فبعين الله ما يتحمل الفقراء من مرارة فقرهم وصبرهم ورضاهم به عن الله ربهم تبارك وتعالى وأين أجر مشقة المجاهدين إلى أجر عبادة القاعدين فى الامن والدعة والراحة
قالوا وكيف يستوى أمران أحدهما حفت به الجنة والثانى حفت به النار فإن أصل الشهوات من قبل المال وأصل المكاره من قبل الفقر قالوا والفقير لا ينفك في خصاصة من مضض الفقر والجوع والعرى والحاجه وآلام الفقر وكل واحد منها يكفر ما يقاومه من السيئات وذلك زيادة على أجره بأعمال البر فقد شارك الاغنياء بأعمال البر وامتاز عنهم بما يكفر سيئاته وما امتازوا به عليه من الانفاق والصدقة والنفع المتعدي فله سبيل الى لحاقهم فيه وله مثل أجورهم وهو أن يعلم الله من نيته أنه لو أوتى مثل ما أوتوه لفعل كما يفعلون فيقول لو أن لى مالا لعملت بأعمالهم فهو بنيته وأجرهما سواء كما أخبر به الصادق المصدوق فى + الحديث الصحيح + الذى رواه الامام أحمد والترمذى من حديث أبى كبشه الانمارى
قالوا: والفقير فى الدنيا بمنزلة المسجون اذ هو ممنوع عن الوصول الى شهواته وملاذها والغنى منخلص من هذا السجن وقد قال النبى: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" فالغنى ان لم يسجن نفسه عن دواعى الغنى وطغيانه وأرسلها فى ميادين شهواتها كانت الدنيا جنة له فانما نال الفضل بتشبهه بالفقير الذى هو فى سجن فقره
قالوا وقد ذم الله ورسوله من عجلت له طيباته فى الحياة الدنيا