نحاربهم ولا نعاونهم وكان للملك فيها قصر فيه حريم له وقد أحاط عليه سورا وأقام عليه حرسا ومنع أهل المدينة من قربانه وطاف به القاعدون فلم يجدوا فيه بابا يدخلون منه فغدوا على جدرانه فنقبوها ووصلوا الى حريمه فأفسدوهم ونالوا منهم ما أسخط الملك وأغضبه وشق عليه ولم يقتصروا على ذلك حتى دعوا غيرهم الى افساد حريمه والنيل منهم فبينما هم على تلك الحال واذا بالنفير قد صاح فيهم كله فلم يمكن أحد منهم من التخلف فحملوا على تلك الحال وأحضروا بين يدى الملك فاستعرضهم واحدا واحدا وعرضت بضائعهم وما قدموا به من تلك المدينة عليه فقبل منها ما يصلح له وأعاض أربابه أضعاف أضعاف قيمته وأنزلهم منازلهم من قربه ورد منها مالا يصلح له وضرب به وجوه أصحابه وقابل من نقب حماه وأفسد حريمه بما يقابل به المفسدون فسألوا الرجعة الى المدينة ليعمروا قصره ويحفظوا حريمه ويقدموا عليه من البضائع بمثل ما قدم به التجار فقال هيهات قد خربت المدينة خرابا لا تعمر بعده أبدا وليس بعدها الا المدينة التى لا تخرب أبدا

فصل: وقد مثلت الدنيا بمنام والعيش فيها بالحلم والموت باليقظة ومثلت بمزرعة والعمل فيها بالبذر والحصاد يوم المعاد ومثلت بدار لها بابان باب يدخل منه الناس وباب يخرجون منه ومثلت بحية ناعمة الملمس حسنة اللون وضربتها الموت ومثلث بطعام مسموم لذيذ الطعم طيب الرائحة من تناول منه بقدر حاجته كان فيه شفاؤه ومن زاد على حاجته كان فيه حتفه ومثلت بالطعام فى المعدة اذا أخذت الاعضاء منه حاجتها فحبسه قاتل أو مؤذ ولا راحة لصاحبه الا فى خروجه كما أشار اليه النبى فى آكلة الخضر وقد تقدم ومثلت بامرأة من أقبح النساء قد انتقبت على عينين فتنت بهما الناس وهى تدعو الناس إلى منزلها فإذا أجابوها كشفت لهم عن منظرها وذبحتهم بسكاكينها وألقتهم فى الحفر وقد سلطت على عشاقها تفعل بهم ذلك قديما وحديثا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015