فيها الأحداث والآفات وطرقها المحن وأغارت عليها عساكر الجور والفساد فبنى ملكهم مدينة فى محل لا يطرقه آفة ولاعاهة وعزم على تخريب المدينة الأولى فأرسل الى سكانها فنودى فيهم بالرحيل بعد ثلاث ولا يتخلف منهم أحد وأمرهم أن ينقلوا إلى مدينة الملك الثانية خير ما فى تلك المدينة وأنفعه وأجله من الجواهر واللآلى والذهب والفضة وما خف حمله من المتاع وعظم قدره وصلح للملوك وأرسل اليهم الأدلاء وآلات النقل ونهج لهم الطريق ونصب لهم الاعلام وتابع الرسل يستحثونهم بعضهم فى اثر بعض فانقسموا فرقا فالاقلون علموا قصر مدة مقامهم فى تلك المدينة وتيقنوا أنهم ان لم يبادروا بتحصيل خير ما فيها وحمله الى مدينة الملك والا فانهم ذلك فلم يقدروا عليه فرأوا غبنا أن يقطعوا تلك المدة فى جمع المفضول والاشتغال به عن الفاضل فسألوا عن خير مافى المدينة وأنفسه وأحبه الى الملك وأنفعه فى مدينته فلما عرفوه لم يلتفوا الى مادونه ورأوا أن أحدهم اذا وافى بجوهرة عظيمة كانت أحب الى الملك من أن يوافيه بأحمال كثيرة من الفلوس والحديد ونحوها فكان همهم فى تحصيل ما هو أحب الى الملك وأنفس عنده ولو قل فى رأى العين وأقبلت فرقة أخرى على تعبئة الاحمال المحملة وتنافسوا فى كثرتها وهم على مراتب فمنهم من أحماله أثمان ومنهم من أحماله دون ذلك على قدر هممهم وما يليق بهم لكن هممهم مصروفة الى تعبئة الاحمال والانتقال من المدينة وأقبلت فرقة أخرى على عمارة القصور فى تلك المدينة والاشتغال بطيباتها ولذاتها ونزهها وحاربوا العازمين على النقلة وقالوا لا ندعكم تأخذون من متاعنا شيئا فإن شاركتمونا فى عمارة المدينة واستيطانها وعيشنا فيها والا لم نمكنكم من النقلة ولا من شيء من المتاع فوقعت الحرب بينهم فقاتلوا السائرين فعمدوا الى أكل أموالهم وأهليهم وما نقموا منهم الا بسيرهم الى دار الملك واجابة داعيه والرغبة عن تلك الدار متى أمرهم بتركها وأقبلت فرقة أخرى على التنزه والبطالة والراحة والدعة وقالوا لا نتعب أنفسنا فى عمارتها ولا ننقل منها ولا نعارض من أراد النقلة ولا