رأيت بعينى هاتين الجيش خلف هذا الوادى وهو قاصدكم فاتبعونى أسلك بكم على غير طريق العدو فتنجوا منه فأطاعته طائفة قليلة فصاح فيهم يا قوم النجاة النجاة أتيتم أتيتم وصاح السامعون له بأهليهم وأولادهم وعشائرهم فقالوا كيف نرحل من هذا الوادى وفيه مواشينا وأموالنا ودورنا وقد استوطناه فقال لهم الناصح لينج كل واحد منكم بنفسه مما خف عليه من متاعه والا فهو مأخوذ وماله مجتاح فثقل على أصحاب الجد والأموال ورؤساء القوم النقلة ومفارقة ما هم فيه من النعيم والرفاهية والدعة وقال كل أحمق لى أسوة بالقاعدين فهم أكثر منى مالا وأهلا فما أصابهم أصابنى معهم ونهض الأقلون مع الناصح ففازوا بالنجاة وصبح الجيش أهل الوادى فقتلهم واجتاح أموالهم

وقد أشار النبى الى هذا المثل بعينه فى الحديث المتفق على صحته من حديث أبى بردة عن أبى موسى عن النبى قال: "انما مثلى ومثل ما بعثنى الله به كمثل رجل أتى قومه فقال يا قوم انى رأيت الجيش بعينى وأنا النذير العريان فالنجاة النجاة فأطاعه طائفة من قومه فأذلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعنى واتبع ما جئت به ومثل من عصانى وكذب بما جئت به من الحق".

المثال الخامس عشر: رجل هيأ دارا وزينها ووضع فيها من جميع الالات ودعى الناس اليها فكلما دخل داخل أجلسه على فراش وثير وقدم اليه طبقا من ذهب عليه لحم ووضع بين يديه أوان مفتخرة فيها من كل ما يحتاج اليه وأخدمه عبيده ومماليكه فعرف العاقل أن ذلك كله متاع صاحب الدار وملكه وعبيده فاستمتع بتلك الالات والضيافة مدة مقامه فى الدار ولم يعلق قلبه بها ولا حدث نفسه بتملكها بل اعتمد مع صاحب الدار ما يعتمده الضيف يجلس حيث أجلسه ويأكل ما قدمه له ولا يسأل عما وراء ذلك اكتفاء منه بعلم صاحب الدار وكرمه وما يفعله مع ضيوفه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015