وقد ضرب هذا المثل للدنيا والآخرة والقدر والأمر فإن القدر بحر والأمر فيه سفينة لا ينجو إلا من ركبها
المثال الحادي عشر: مثالها مثال اناء مملوء عسلا رآه الذباب فاقبل نحوه فبعضه قعد على حافة الاناء وجعل يتناول من العسل حتى أخذ حاجته ثم طار وبعضه حمله الشره على أن رمى بنفسه فى لجة الاناء ووسطه فلم يدعه انغماسه فيه أن يتهنأ به الا قليلا حتى هلك فى وسطه
المثال الثانى عشر: مثال حب قد نثر على وجه الارض وجعلت كل حبة فى فخ وجعل حول ذلك الحب حب ليس فى فخاخ فجاءت الطير فمنها من قنع بالجوانب ولم يرم نفسه فى وسط الحب فأخذ حاجته ومضى ومنها من حمله الشره على اقتحام معظم الحب فما استتم اللقاط الا وهو يصيح من أخذة الفخ له
المثال الثالث عشر: كمثل رجل أوقد نارا عظيمة فجعلت الفراش والجنادب يرون ضوءها فيقصدونها ويتهافتون فيها ومن له علم بحالها جعل يستضىء ويستدفئ بها من بعيد وقد أشار النبى الى هذا المثل بعينه فى الحديث الذى رواه مالك بن اسماعيل عن حفص بن حميد عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما عن عمر رضى الله عنه عن النبى قال: "انى ممسك بحجزكم عن النار وتتقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب ويوشك أن أرسل بحجزكم" وفى لفظ آخر: "مثلى ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعلت الفراش والجنادب يتقاحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تغلبونى وتتقاحمون فيها" وهذا المثال مطبق على أهل الدنيا المنهمكين فيها فالرسل تدعوهم الى الاخرة وهم يتقاحمون فى الدنيا تقاحم الفراش
المثال الرابع عشر: مثل قوم خرجوا فى سفر بأموالهم وأهليهم فمروا بواد مشعب كثير المياه والفواكه فنزلوا به وضربوا خيمهم وبنوا هنالك الدور والقصور فمر بهم رجل يعرفون نصحه وصدقه وأمانته فقال انى