وقالت طائفة هو محمول على من سنته وسنة قومه ذلك اذا لم ينههم عنه لأن ترك نهيه دليل على رضاه به وهذا قول ابن المبارك وغيره قال أبو البركات ابن تيمية وهو أصح الاقوال كلها لأنه متى غلب على ظنه فعلهم ولم يوصهم بتركه فقد رضى به وصار كمن ترك النهى عن المنكر مع القدرة عليه فأما اذا أوصاهم بتركه فخالفوه فالله أكرم من أن يعذبه بذلك وقد حصل بذلك العمل بالآية مع اجراء الخير على عمومه في كثير من الموارد وانكار عائشة لذلك بعد رواية الثقات لا يعول عليه فإنهم قد يحضرون ما لا نحضره ويشهدون ما نغيب عنه واحتمال السهو والغلط بعيد خصوصا في حق خمسة من أكابر الصحابة
وقوله في اليهود لا يمنع أن يكون قد قال ما رواه عنه هؤلاء الخمسة في أوقات أخر ثم هى محجوجة بروايتها عنه أنه قال: " ان الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه " فإذا لم يمنع زيادة الكافر عذابا بفعل غيره مع كونه مخالفا لظاهر الآية لم يمنع ذلك في حق المسلم ان الله سبحانه كما لا يظلم عبده المسلم لا يظلم الكافر والله أعلم فصل ولا تحتاج هذه الاحاديث إلى شئ من هذه التكلفات وليس فيها بحمد الله اشكال ولا مخالفة لظاهر القرآن ولا لقاعدة من قواعد الشرع ولا تتضمن عقوبة الانسان بذنب غيره فإن النبي لم يقل ان الميت يعاقب ببكاء أهله عليه ونوحهم وانما قال يعذب بذلك ولا ريب أن ذلك يؤلمه ويعذبه والعذاب هو الالم الذى يحصل له وهو أعم من العقاب والاعم لا يستلزم الاخص وقد قال النبي: "السفر قطعة من العذاب" وهذا العذاب يحصل للمؤمن والكافر حتى ان الميت ليتألم بمن يعاقب في قبره في جواره ويتأذى بذلك كما يتأذى الانسان في الدنيا بما يشاهده من عقوبة جاره فإذا بكى أهل الميت عليه البكاء المحرم وهو البكاء الذى كان أهل الجاهلية يفعلونه والبكاء على الميت عندهم اسم لذلك وهو معروف في نظمهم ونثرهم تألم الميت بذلك في قبره