بك يا ابراهيم لمحزنون " وهذا ونحوه من القول الذى ليس فيه تظلم للمقدور ولا تسخط على الرب ولا اسخاط له فهو كمجرد البكاء

فصل: وأما قول النبي: "ان الميت ليعذب بالنياحة عليه " فقد ثبت عنه من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبد الله والمغيرة بن شعبة وروى نحوه عن عمران بن حصين وأبى موسى رضى الله عنهم فاختلفت طرق الناس في ذلك فقالت فرقة يتصرف الله في خلقه بما يشاء وأفعال الله لا تعلل ولا فرق بين التعذيب بالنوح عليه والتعذيب بما هو منسوب اليه لأن الله خالق الجميع والله تعالى يؤلم الاطفال والبهائم والمجانين بغير عمل

وقالت فرقة هذه الاحاديث لا تصح عن رسول الله وقد أنكرتها عائشة أم المؤمنين واحتجت بقوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ولما بلغها رواية عمر وابنه قالت انكم لتحدثون عن غير كاذبين ولا متهمين ولكن السمع يخطئ وقالت انما مر النبي على قبر يهودى فقال: "ان صاحب هذا القبر يعذب وأهله يبكون عليه "

وفي رواية متفق عليها عنها انما قال رسول الله: "ان الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه " وقالت حسبكم القرآن {ولا تزر وازرة وزر أخرى}

وقالت فرقة أخرى منهم المزنى وغيره ان ذلك محمول على من أوصى به اذا كانت عادتهم ذلك وهو كثير في أشعارهم كقول طرفة

اذا مت فانعينى بما أنا أهله ... وشقى على الجيب يا إبنة معبد

وقول لبيد

فقوما فقولا بالذى قد علمتما ... ولا تخمشا وجها ولا تحلقا شعر

وقولا هو المرء الذى لا صديقه ... أضاع ولا خان الامين ولا غدر

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ...

ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015