رسول الله لتعلمني شيئًا أقوله عند منامي (?)، قال: "إذا أخذت مضجعك؛

ـــــــــــــــــــــــــــــ

جعل عبد العزيز بن مسلم فروة بن نوفل صحابيًا وليس المقصود لفظ الحديث المرفوع، وهذا صريح في قول ابن حبان: "القلب يميل إلى أن هذه اللفظة ليست بمحفوظة من ذكر صحبة رسول الله"؛ فكلام ابن حبان على إثبات الصحبة أو نفيها، وكلام الحافظ على لفظ الحديث، وبينهما فرق واضح.

قلت: وبسبب هذه الاختلاف أعله بعض أهل العلم بالاضطراب، وممن أعله به: - الإِمام الترمذي في "جامعه": "وقد اضطرب أصحاب أبي إسحاق في هذا الحديث".

- الإِمام ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3/ 538 - "هامش الإصابة"): "حديثه في: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} مختلف فيه، مضطرب الأسانيد لا يثبت" أ. هـ.

وتعقب الترمذيّ الحافظُ المزيُ في "تحفة الأشراف" (8/ 252): "قلت: كذا قال، والصحيح حديث أبي إسحاق عن فروة بن نوفل عن أبيه".

وهو كما قال؛ كما بينته آنفًا.

لكن المزي خالف هذا الترجيح في "تهذيب الكمال" (30/ 72) فوقع فيما وقع فيه الترمذي؛ حيث قال: "وهو حديث مضطرب الإسناد".

وتعقب الحافظ ابنُ حجر في "الإصابة" (3/ 578) ابنَ عبد البر؛ فقال: "وزعم ابن عبد البر بأنه حديث مضطرب! وليس كما قال، بل الرواية التي فيها: "عن أبيه" أرجح؛ وهي موصولة ورواته ثقات فلا يضرُه مخالفة من أرسله بلا خلاف".

قلت: وكلامه هذا أحسن من كلامه في "نتائج الأفكار": "وفي سنده اختلاف كثير على أبي إسحاق؛ ولذلك اقتصرت على تحسينه".

قلت: ليس كل اختلاف أو اضطراب له محل من النظرة فإن شرط الاضطراب؛ كما هو معلوم أن تتساوى وجوه الاختلاف في القوة بحيث لا يمكن الجمع بينها أو ترجيح أحدها على الآخر، وهذا معدوم في حديثنا هذا، فإن رواية الجماعة -بلا شك- أصح طرق الحديث وأقواها، وما عداها إما ضعيف منكر أو تفرد ثقة واحد بسند دون سندهم ولا يضرهم هذا؛ كما هو ظاهر؛ ولذلك قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (3/ 578) -في ترجمة "نوفل الأشجعي"- راوي حديثنا هذا: "شرط الاضطراب: أن تتساوى الوجوه في الاختلاف، وأما إذا تفاوتت؛ فالحكم للراجح بلا خلاف" أ. هـ.

وجملة القول: إن الرواة اختلفوا على أبي إسحاق السبيعي في هذا الحديث، والصحيح منها هو رواية الجماعة عن أبي إسحاق بإثبات: "عن أبيه"، وهذا هو الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015