لأحد في عسكره عين، فإن بزوغ العين، لا يخفى على ذي عين، فإنه يجمع أركان دولته، وأعيان مملكته، وذوي آرائه ومشورته، بحيث أنه لا يتخلف منهم أحد، ولا يجزي مولود عن والد ولا والد عن ولد، ثم يظهر لهم خفية أموره، ويطلب منهم المشورة في جهة مسيره، ويطلق لهم عنان الكلام، ويقول لا تثريب على من خاض في ذلك خاص الأنام، ناظر في أعقاب الأمور ما بين يوم وعام، فليتكلم كل ولا حرج، فسواء هوى إلى حضيض الخطأ أو إلى أوج الصواب عرج فإن أخطأ فلا نقصان، وإن أصاب فله أجران فيبذل كل جهده ويعاني في ذلك وكده وكده، ويبدي في ذلك ما أدى إليه اجتهاده، ويتصور أن ذلك يوافقه مراده، فتتفق الآراء، على ناحية من الأنحاء، ثم يفض ذلك المجلس، ويجتمع بأخصائه ويجلس، كسليمان شاه وقماري وسيف الدين، وألله داد وشاه ملك وشيخ نور الدين، ويمخضون القضية مخضاً غير ذلك، ويبحثون فيها بحثاً دقيق المسالك، فيقع آخر الأمر الاتفاق، على التوجه إلى بعض الآفاق ثم يدعو رائدهم، وسائقهم في ذلك وقائدهم،