(فرجع الملك إلى الله تعالى، فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت، وقد فقأ عيني) . قال: (فردّ الله إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبدي فقل: الحياةَ تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور، فما توارت يدك من شَعْرة، فإنك تعيش بها سنة، قال: ثمّ مه؟ قال: ثمّ تموت. قال: فالآن من قريب) (?) . ((وملك الموت كان يأتي الناس عياناً، فأتى موسى فلطمه وفقأ عينه)) (?) .
وذكر ابن حجر العسقلاني أن بعض المبتدعة أنكر هذا الحديث. وذكر في الرد عليهم: " أن موسى لطم ملك الموت، لأنه رأى آدمياً دخل داره بغير إذنه، ولم يعلم أنه ملك الموت، وقد أباح الشارع فقء عين الناظر في دار المسلم بغير إذن، وقد جاءَت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفهم ابتداءً، ولو عرفهم إبراهيم لما قدم لهم المأكولات، ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه " (?) .
والتكذيب بالأحاديث الصحيحة التي تخبر عن الغيوب بنظر عقلي مجرد ينافي الإيمان، فأول صفات المتقين أنهم يؤمنون بالغيب، كما ذكر الله ذلك في مطلع سورة البقرة، فإذا صحّ الخبر عن الله أو عن رسوله فليس هناك إلا التصديق: (والرَّاسخون في العلم يقولون آمنَّا به كلٌّ من عند ربنا وما يذَّكرُ إلاَّ أولوا الألباب) [آل عمران: 7] .
المطلب الثامن
علاقة الملائكة بالعبد في قبره ومحشره والدار الآخرة
سيأتي في مبحث الإيمان باليوم الآخر إن شاء الله تعالى ما يكون من الملائكة نحو العباد بعد الموت من سؤال الملكين للعبد في قبره، وهذان هما منكر ونكير، وأن منهم ملائكة ينعّمون العباد في قبورهم، وآخرون يعذبون الكفرة والمجرمين، واستقبالهم للمؤمن في يوم القيامة، ونفخ إسرافيل في الصور، وحشرهم الناس للحساب، وسوقهم الكفرة إلى جهنم، والمؤمنين إلى الجنة، وقيامهم على تعذيب الكفار في النار، وسلامهم على المؤمنين في الجنة.
الملائكة والمؤمنون
تحدثنا في المبحث السابق عن الدور الذي كلف الله الملائكة القيام