رقية جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم:

روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد: أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا محمد اشتكيت؟ قال: نعم، قال: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كلّ ذي نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك) (?) .

أعمال أخرى:

ومن ذلك أنّه حارب مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بدر والخندق، وصحب الرسول صلى الله عليه وسلم في الإسراء وغير ذلك.

لماذا لا يرسل الله رسله من الملائكة:

والله لا يرسل رسله إلى البشر من الملائكة؛ لأن طبيعة الملائكة مخالفة لطبيعة البشر، فاتصالهم بالملائكة ليس سهلاً ميسوراً؛ ولذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشق عليه مجيء جبريل إليه بصفته الملائكية كما مضى، وعندما رأى جبريل على صورته فزع، وجاء زوجته يقول: دثّروني دّثروني.

فلما كانت الطبائع مختلفة، شاء الله أن يرسل لهم رسولاً من جنسهم، ولو كان سكان الأرض ملائكة، لأنزل إليهم ملكاً رسولاً، قال تعالى: (قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مُطْمَئِنِّينَ لنزَّلنا عليهم من السَّماء ملكاً رسولاً) [الإسراء: 95] .

وعلى فرض أن الله اختار رسله إلى عموم البشر من الملائكة، فإنه لا ينزلهم بصورهم الملائكية، بل يجعلهم يتمثلون في صفة رجال يلبسون ما يلبس الرجال، كي يتمكن الناس من الأخذ عنهم: (وقالوا لولا أنزل عليه ملكٌ ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون - ولو جعلناه ملكاً لَّجعلناه رجلاً وَلَلَبَسْنَا عليهم مَّا يلبسون) [الأنعام: 8-9] .

وقد أخبر تعالى أن طلب الكَفَرَة رؤية الملائكة، ومجيء رسول من الملائكة، إنما هو تعنت، وليس طلباً للهداية، وعلى احتمال حدوثه فإنهم لن يؤمنوا: (ولو أننَّا نزَّلنا إليهم الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وحشرنا عليهم كلَّ شيءٍ قبلاً ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكنَّ أكثرهم يجهلون) [الأنعام: 111] .

المطلب الرابع

تحريك بواعث الخير في نفوس العباد

وكّل الله بكل إنسان قريناً من الملائكة، وقريناً من الجنّ، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وقد وكّل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة) ، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: (وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير) (?) .

ولعلّ هذا القرين من الملائكة، غير الملائكة الذين أمروا بحفظ أعماله، قيَّضه الله له ليهديه ويرشده.

وقرين الإنسان من الملائكة وقرينه من الجنّ يتعاوران الإنسان، هذا يأمره بالشر ويرغبه فيهي، وذاك يحثه على الخير ويرغبه فيه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأمّا لمة الشيطان، فإيعاد بالشر، وتكذيب بالحق، وأمّا لمة الملك، فإيعاد بالخير، وتصديق بالحق، فمن وجد من ذلك شيئاً فليعلم أنّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015