وأما ما ذكره ولي الله الدهلوي من: " أن الملأ الأعلى ثلاثة أقسام:
قسم علم الحقُّ أن نظام الخير يتوقف عليهم، فخلق أجساماً نورية بمنزلة نار موسى، فنفخ فيها نفوساً كريمة.
وقسم اتفق حدوث مزاج في البخارات اللطيفة من العناصر استوجب فيضان نفوس شاهقة شديدة الرفض؛ (أي الترك) للألواث البهيمية.
وقسم هم نفوس إنسانية قريبة المأخذ من الملأ الأعلى، ما زالت تعمل أعمالاً منجية تفيد اللحوق بهم، حتى طرحت عنها جلايب أبدانها، فانسلكت في سلكهم، وعدّت منهم " (?) . فلا يوجد دليل صحيح يدل على صحة هذا التقسيم بهذا التفصيل والتحديد.
ولا ندري متى خُلقوا، فالله - سبحانه - لم يخبرنا بذلك، ولكننا نعلم أنّ خلقهم سابق على خلق آدم أبي البشر، فقد أخبرنا الله أنه أعلم ملائكته أنه جاعل في الأرض خليقة: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة) [البقرة: 30] ، والمراد بالخليفة آدم عليه السلام، وأمرهم بالسجود له حين خلقه: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) [الحجر: 29] .
رؤية الملائكة:
ولما كانت الملائكة أجساماً نورانية لطيفة، فإن العباد لا يستطيعون رؤيتهم، خاصة أن الله لم يعط أبصارنا القدرة على هذه الرؤية.
ولم ير الملائكة في صورهم الحقيقية من هذه الأمة إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه رأى جبريل مرتين في صورته التي خلقه الله عليها، وقد دلت النصوص على أن البشر يستطيعون رؤية الملائكة، إذا تمثل الملائكة في صورة بشر.
المطلب الثاني
عِظَم خلقهم
قال الله تعالى في ملائكة النار: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظٌ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون) [التحريم: 6] .
وسأكتفي بسوق الأحاديث التي تتحدث عن ملكين كريمين فحسب.