5- عصمة الملائكة:
نقل السيوطي عن القاضي عياض: أن المسلمين أجمعوا على أن الملائكة مؤمنون فضلاء، واتفق أئمة المسلمين أن حكم المرسلين منهم حكم النبيين سواء في العصمة مما ذكرنا عصمتهم منه، وأنهم في حقوق الأنبياء والتبليغ إليهم كالأنبياء مع الأمم.
واختلفوا في غير المرسلين منهم، فذهب طائفة إلى عصمتهم جميعاً عن المعاصي، واحتجوا بقوله تعالى: (يا أيها الَّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها النَّاس والحجارة عليها ملائكة غلاظٌ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) [التحريم: 6] ، وبقوله: (وما منَّا إلاَّ له مقامٌ معلومٌ - وإنَّا لنحن الصَّادقون - وإنَّا لنحن المسبحون) [الصافات: 164-166] ، وبقوله: (ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون) الآية [الأنبياء: 19] ، وقوله: (كرام بررةٍ) [عبس: 16] ، وقوله: (لاَّ يمسُّه إلاَّ المطهَّرون) [الواقعة: 79] ونحوه من السمعيات.
وذهبت طائفة إلى أن هذا خصوص للمرسلين منهم والمقربين، واحتجوا بقصة هاروت وماروت وقصة إبليس، والصواب عصمتهم جميعاً وتنزيه جنابهم الرفيع عن جميع ما يحط من رتبهم وينزلهم عن جليل مقدارهم.
قال: والجواب عن قصة هاروت وماروت أنها لم يرو فيها شيء لا سقيم ولا صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن قصة إبليس أن الأكثر ينفون أنه من الملائكة ويقولون: إنه أبو الجن، كما أن آدم أبو البشر، انتهى " (?) .
وتعرض لهذه المسألة الصفوي الأرموي فما نقله عنه السيوطي فقال: " الملائكة معصومون، والدليل عليه من وجوه:
أحدهما: قوله تعالى في وصفهم: (ويفعلون ما يؤمرون) [التحريم: 6] وقوله تعالى: (وهم بأمره يعملون) [الأنبياء: 27] وهما يتناولان فعل المأمورات وترك المنهيات؛ لأن النهي أمر بالترك، ولأنه سيق في معرض التمدح، وهو إنما يحصل بمجموعها.
وثانيها: قوله تعالى: (يسبحون اللَّيل والنَّهار لا يفترون) [الأنبياء: 20] ، وهو يفيد المبالغة التامة في الاشتغال بالعبادة، وهو يفيد المطلوب.
وثالثهما: الملائكة رسل الله لقوله تعالى: (جاعل الملائكة رسلاً) [فاطر: 1] والرسل معصومون؛ لأنه قال في تعظيمهم: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) [الأنعام: 124] ، وهو يفيد المبالغة التامة في التعظيم " (?) .
عبادة الملائكة