جاءَهم في صورة آدمي، يقول عليه السلام: (فأتاهم ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له) ، ولا بدّ أنهم حكموه بأمر الله، فأرسل الله لهم هذا الملك في صورة آدمي، والقصة في صحيح مسلم، في باب التوبة (?) .
وسيأتي في قصة الثلاثة الذين ابتلاهم الله من بني إسرائيل الأبرص والأقرع والأعمى، وأن الملك تشكل لهم بصورة بشر.
وقد خاض بعض أهل العلم في كيفية تشكل الملائكة بنظرة عقلية مجردة، فجاؤوا بكلام غث، وما كان أغناهم عن الخوض في هذا المبحث الغيبي، فالله أعلمنا بتشكلهم، ولم يعلمنا بكيفية ذلك، وكان يسع هؤلاء ما وسع رسول الله وأصحابه من بعده، فيقفوا حيث وقفوا، وإن شئت أن ترى شيئاً من كلام من تكلم في هذا الموضوع، فارجع إلى كتاب السيوطي: (الحبائك في أخبار الملائك) (?) .
2- عظم سرعتهم:
أعظم سرعة يعرفها البشر هي سرعة الضوء، فهو ينطلق بسرعة (186) ألف ميل في الثانية الواحدة.
أمّا سرعة الملائكة فهي فوق ذلك، وهي سرعة لا تقاس بمقاييس البشر، كان السائل يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يكاد يفرغ من سؤاله حتى يأتيه جبريل بالجواب من ربّ العزة سبحانه وتعالى، واليوم لو وُجدت المراكب التي تسير بسرعة الضوء، فإنها تحتاج إلى (مليار) سنة ضوئية حتى تبلغ بعض الكواكب الموجودة في آفاق هذا الكون الواسع الشاسع.
3- علمهم:
والملائكة عندهم علم وفير علّمهم الله إيّاه، ولكن ليس عندهم القدرة التي أعطيت للإنسان في التعرف على الأشياء: (وعلَّم آدم الأسماء كلها ثُمَّ عرضهم على الملائكة فقال أَنبِئُونِي بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين - قالوا سبحانك لا علم لنا إلاَّ ما علَّمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم) [البقرة: 31-32] .
فالإنسان يتميز بالقدرة على التعرف على الأشياء، واكتشاف سنن الكون، والملائكة يعلمون ذلك بالتلقي المباشر عن الله سبحانه وتعالى.
ولكنّ الذي علمهم الله إياه أكثر مما يعرفه الإنسان، ومن العلم الذي