يكون الرسول هو محمداً للطائفتين. فهؤلاء معظمون للرسول جاهلون بدينه وشرعه ".
ثم قال مبيناً حقيقة هؤلاء وأتباعهم: " والحق أن هؤلاء من أتباع الشياطين، وأن رجال الغيب هم الجن، ويسمون رجالاً، كما قال تعالى: (وأنَّه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقاً) [الجن: 6] ، وإلا فالإنس يؤنسون، أي يشهدون ويرون، وإنما يحتجب الإنس أحياناً، لا يكون دائم الاحتجاب عن أبصار الإنس، ومن ظنهم من الإنس فمن غلطه وجهله ".
ثم بين أن السبب في الاختلاف فيهم وفي افتراق هذه الأحزاب الثلاثة عدم الفرقان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن، وبيّن أنه يجب عرض أفعال الناس وأقوالهم وحالهم على الكتاب والسنة، فما وافقهما كان صالحاً، وما خالفهما كان غالطاً، ومهما فعل الإنسان وتبدى من حاله لا يكون مؤمناً ولا ولياً لله - وإن طار في الهواء، ومشى على الماء ما لم يكن ملتزماً بالكتاب والسنة (?) .
فلا بد أن يكون عند العبد الميزان الذي يفرق به بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، والصالحين والطالحين، وإلا ضّل وزاغ، وظن أعداء الله أولياءَه، هذا الميزان هو الكتاب والسنة، فإذا كان العبد ملتزماً بهما فنعم، وإلا فإنّه ليس على شيء، ولو رأيناه يحي الأموات، ويحول المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة.
يقول ابن تيمية: " ومن لم يميز بين الأحوال الرحمانية والنفسانية اشتبه عليه الحق بالباطل، ومن لم ينوّر الله قلبه بحقائق الإيمان واتباع القرآن، لم يعرف طريق المحق من المبطل، والتبس عليه الأمر والحال، كما التبس على الناس حال مسيلمة صاحب اليمامة وغيره من الكذابين في زعمهم أنهم أنبياء وإنما هم كذابون " (?) .
وقد ألف ابن تيمية كتاباً عظيماً، إذا عرفته، تبين لك الفارق الكبير بين